12…عليهم فريضة ماضية إلى يوم القيامة بقوله - عليه الصلاة والسلام - وطلب العلم فريضة على كل مسلم)) (1).
وحث الله - عز وجل - نبيه على طلب الزيادة من العلم ليكون قدوة لنا، فلا يمل أحد من طلبه، ولا يعتقد أحد أنه حصل منه ما يكفيه فلا يستزيد منه (وقل رب ذدني علماً) (2).
ولهذا جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مداد العلماء يفوق دماء الشهداء يوم القيامة فقال: ((يوزن يوم القيامة مداد العلما ودماء الشهداء)) (3).
وإن مما يبين قيمة العلم في نظر الإسلام، نزول أول آيات من القرآن الكريم تطالب الرسول بالقراءة (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم) (4).
ففي هذه الآيات تكرر كلمة اقرأ مرتين، وكلمة علم مرتين، وذكرت القلم الذي هو آلة الكتابة، وهكذا تشمل الآيات كل وسائل تحصيل العلم من القراءة والكتابة وهي فوق ذلك تصرح بلفظ العلم.
وإن الباحث ليدهشه هذا الاهتمام بالعلم وتحصيله، لقد كان المنتظر أن نتناول الآيات الأولى من الكتاب الذي أنزل لتصحيح العقيدة، ومحاربة الوثنية، وإقامة مجتمع مسلم لله - عز وجل - على أساس التوحيد الخالص له، كان المنتظر أن تكون الآيات الأولى دعوة صريحة إلى التوحيد، ومحاربة علنية للوثنية، وتدعيماً لقواعد المجتمع المسلم.
ولكن الآيات لم تصرح بشيء من ذلك، نعم إنها ذكرت توحيد الربوبية ولكن هذا القسم من التوحيد ليس هو الذي من أجله بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) رواه الطبراني في الأوسط وابن ماجة.
(2) طه: 114.
(3) القرطبي ورمز له السيوطي بالضعف (1/ 31).
(4) سورة العلق: 1 - 5.