122…يكون أميرهم على نحو ما عليه الإمام الأعظم. من لين الجانب، والرحمة بالرعية، ولكنهم مع هذا لم يفكروا في الخروج على الخليفة ولم يخطر ببالهم يوماً أن يكون الإمام فتنة عمياء.
وفي اعتقادي أن التغيير الذي يطرأ على نفوس الناس وحده لا يكفي لإثارة فتنة مثل تلك التي أثيرت في المدينة، ولكن لا بدّ ان يصحب هذا التغيير دوافع تحرك النفوس في اتجاه يصل بالناس إلى سفك الدماء، والإفساد في الأرض، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
لقد ذهب ابن سبأ إلى البصرة في عام 33 هجرية، فحرض على أميرها فأخرجه منها (1) فذهب إلى الشام، وأثار أبا ذر، وحرض الصحابة على معاوية، فزجره أبو الدرداء وتعلق به عبادة بن الصامت، وذهب به إلى معاوية، فانكشف ستره، فأخرجه (2).
ثم ذهب إلى مصر واستقر بها، ووجد هناك من الأعوان من ساعده على إثارة الفتنة من أمثال محمد بن أبي حذيفة.
والذي يظهر من الروايات المذكورة عند المؤرخين عن ابن سبأ أنه أسلم قبل سنة 25هـ،.
وأنه ذهب إلى مصر مرتين مرة في عهد عمرو ابن العاص حتى عزله عثمان ومرة في عهد ابن أبي سرج حيث استقر فيها.
يقول ابن عساكر: أن ابن سبأ لما قدم مصر بدأ بالطعن على عمرو ابن العاص، وحرض عليه، فقال الناس، كيف نطيق ذلك مع عمرو وهو رجل العرب؟ فأجابهم ابن السوداء، ستعفون منه، ثم يعمل عملنا، ويظهر الائتمار بالمعروف، والطعن فلا يرده علينا أحد (3).
ومن هذه الرواية نعلم أن ابن سبأ نزل مصر في ولاية عمرو ابن…
__________
(1) المقريزي (3/ 263).
(2) الكامل (3/ 114).
(3) تهذيب تاريخ ابن عساكر (7/ 429 - 430).