123…العاص، وكان ذلك قبل سنة خمس وعشرين حيث عزل عمرو في تلك السنة على رأي جمهور المؤرخين (1).
ومنها أيضاً نعرف لماذا كان يبدأ ابن سبأ بالطعن على الولاة والأمراء، فمن سياق هذه الرواية الصريحة التي أوردها ابن عساكر بهذا التفصيل نفهم أن ابن سبأ كان يرمي من وراء الطعن على الأمراء إلى أمرين هامين.
الأول: إثارة القلق والاضطراب في جميع الإمارات الإسلامية، لأن تعويد العامة من النسا الاستعفاء من الأمراء، وتجريئهم على المطالبة بذلك، واستبدال أمير بأمير بين الحين والحين، يؤدي لا محالة إلى قلق في الأوضاع، واضطراب في الأحوال تسوء معه سياسة البلاد، وتضعف القدرة على مقاومة الفساد.
الثاني: إيغار صدور الأمراء على الخليفة، لأن الأمير عندما يشعر أنه عزل عن عمله بغير جناية ارتكبها، ولا جريمة أصابها، يحس مع إهانة العزل بمرارة الظلم فيتميز قلبه غيظاً، ويظاهر الطعانين، فتزداد الحالة سوءاً والأوضاع اضطراباً.
ومن جانب آخر فإن الأمير يباشر عمله، ويتقلد مهام منصبه وهو متوقع العزل غداً أو بعد غد، فلا يهتم بتطوير ولايته، ولا يجهد نفسه في الإصلاحات التي يجب عليه أن ينهض بها، فيتوقف النمو الحضاري، ويضعف التقدم العلمي والاقتصادي وتصبح الدولة عرضة للتدهور والانحطاط.
وكلا الأمرين لا بدّ أن يكون في حساب العابثين، ونصب أعين المخربين، إذ لا يتم لهم ما يريدون إلا عن طريق إشاعة الفساد والتدهور السياسي والاقتصادي في الأمة التي يريدون تدميرها.
وليس قول ابن سبأ للمصريين؛ عندما ترددوا خائفين من عمرو، متوقعين عدم نجاح الخطة معه، وهو الداهية الأديب: (ستعفون منه، ثم يعمل…
__________
(1) الإصابة (3/ 3).