كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

132…لم يكتفِ حكيم بما كان يغنم في غزواته مع المسلمين، فكان يتخلف عن الجيش عند عودته ويغير على أهل الذمة، ويتنكر لهم، ويسعى في الأرض فساداً، وينهب من أموالهم ثم يرجع.
وشكى الناس إلى أمير المؤمنين ما يقوم به حكيم من الإغارة على أموالهم، فكتب عثمان إلى واليه في البصرة عبد الله بن عامر أن يمنع حكيماً وأمثاله من الخروج حتى يرجع عما يقوم به من نهب أموال الناس، فحبسه (1).
ولما توجه ابن سبأ إلى البصرة نزل على حكيم بن جبلة، واجتمع عليه نفر، فنفث فيهم سمومه فأخرجه أميرها عبد الله بن عامر من البصرة (2).
وكان حكيم أحد امير الفرق التي خرجت من البصرة وهو أحد الذين حصبوا أمير المؤمنين وهو يخطب على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (3) وتخلف مع الأشتر في المدينة بعد اقتناع الثائرين برأي الخليفة وكأنه كان يدبر مع الأشتر مكيدة الرسالة التي ردت الثائرين لمحاصرة المدينة بعد اقتناعهم وعودتهم عنها راجعين إلى بلادهم.
وحكيم هذا هو الذي أنشب القتال يوم أوشك المسلمون على الصلح وحقن الدماء قبل وقعة الجمل حتى لا يتم التفاهم بين المسلمين (4) وشتم أم المؤمنين - عائشة - -رضي الله عنها- فسمعته امرأة من قومه فردت عليه قائلة: يا ابن الخبيثة أنت أولى بذلك، فطعنها فقتلها، وعندئذٍ تخلى قومه عن نصرته (5).
ولما حبس أنصار طلحة والزبير عثمان بن حنيف -رضي الله عنه- عامل علي على البصرة، قال حكيم ابن جبلة: ما كنت في شك من قتالهم، ولقد ازددت فيه بصيرة، فمن كان في شك فلينصرف وخرج في سبعمائة من…
__________
(1) الطبري (4/ 326).
(2) المرجع نفسه (4/ 326).
(3) المرجع نفسه (4/ 338).
(4) المرجع نفسه (4/ 466).
(5) المرجع نفسه (4/ 466).

الصفحة 132