140…قائلاً: (يا أبا اليقظان قذفت ابن أبي لهب أن قذفك، وغضت عليّ أن اخذت لك بحقك وله بحقه، اللهم قد وهبت ما بيني وبين أمتي من مظلمة، اللهم إني مقترب إليك بإقامة حدودك في كل أحد ولا أبالي (1).
إن اقصى ما طالب به أجلاء الصحابة -رضوان الله عليهم- الخليفة هو أني ثبت براءته للعامة وأن يستغفر الله مما وقع منه من خطأ، ولم يعارض عثمان في شيء من ذلك، فقد وقف على المنبر، وخطب الناس خطبة بين فيها رأيه فيما وقع من الأحداث، وفند شبهة المتقولين، وحذر الثائرين عاقبة ما وقعوا فيه، وتاب إلى الله واستغفره من كل خطأ يحتمل أن يكون قد ارتكبه (2).
فماذا يريد الثائرون من الخليفة؟ لقد أثبت لهم كذب دعواهم، وأوضح أن كل ما يتكلم به الناس افتراء وهراء، وما صح فهو فيه مقتد بصاحبيه، لم يجامل قريباً، ولو حصل منه ذلك لكان أولى الناس به أخوه الوليد، فقد عزله لما ثبت عنده بالشهود أنه شرب الخمر، وحده الحد الشرعي (3)، ولم يولِ غير كفء ولو فعل لكان أحق الناس بذلك ربيبه محمد بن أبي حذيفة، لقد طلب محمد هذا من الخليفة أن يوليه، فأجابه بقوله: ((يا بني لو كنت رضا لاستعملتك، ولكن لست هناك (4).
إن قصة محمد بن أبي حذيفة هذه تنفي كل تهمة توجه إلى عثمان -رضي الله عنه- بالنسبة لعماله وولاته، إذ لو كان عثمان يولي أقاربه لأنهم أقاربه لما حرم محمد بن أبي حذيفة، وهو ربيبه اليتيم، وهو يعلم حاجته الماسة إلى باب يكسب منه رزقه، ولكننا رأينا عثمان يرد ابن أبي حذيفة لأنه ليس كفؤاً لأن يكون والياً على المسلمين.
لقد تحمل عثمان بسبب عدم تولية محمد بن أبي حذيفة متاعب لم…
__________
(1) تهذيب التاريخ (7/ 429).
(2) الطبري (4/ 355).
(3) الخليفة المفتري عليه ص: 79.
(4) المرجع نفسه ص: 91، الكامل (3/ 265).