كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

145…فكانوا يرون أنه كتب على لسانها وعلى لسان علي كما كتب على لسان عثمان (1) ويقول ابن كثير: وزورت كتب كثيرة على لسان الصحابة الذين في المدينة، وعلى لسان علي وطلحة والزبير (2).
فقصة الكتاب إذن قصة ملفَّقة موضوعة، لا يلتفت إليها محقق، ولا يأبه بها عاقل.
وأحب هنا أن أنظر إلى الموضوع من جانب آخر، ذلك هو أن الثوار لما اقتنعوا بصدق الخليفة حين حلف لهم أنه لم يكتب الكتاب ولم يأمر بكتابته ولم يعلم به، اتهموا مروان وطلبوامن الخليفة تسليمه لهم، وأصروا على ذلك، ومع ذلك فإننا نرى الضحية هو الخليفة لا مروان، أفلا يدل ذلك على أن المقصود هو تقويض نظام الإسلام، وإثارة الفوضى بين المسلمين؟؟.
وخلاصة القول أن الثوار كانوا مدفوعين بأوهام اختلفها ابن سبأ، وصدقها أعوانه واستغلها بعض المأفونين الذين أمَّلوا من ورائها مغنماً وحظاً.
ألم ترَ إلى ابن حمران لما دخل بيت الخليفة، وقتل أمير المؤمنين، يغمز السيدة البارة نائلة، زوج الخليفة في فخذها، ويقول: (قاتلك الله! ما أعظم عجيزتها؟) (3) ثم ينادي هو وأتباعه بعد قتل الخليفة محرضاً الثوار على انتهاب بيت مال المسلمين (4).
هل يظن عاقل بعد ذلك أن الثورة كانت غضبة للإسلام؟ وأن الثوار لم يخرجوا إلا لرد الخليفة إلى حقيقة الإسلام؟.
هؤلاء هم الثائرون على الخليفة، سفلة في أقوامهم، رعاع بين قبائلهم لا خلق ولا دين سابقة ولا علم، فكيف نستمع إلى حديثهم، ونخدع بمفترياتهم؟؟ …
__________
(1) الخليفة المفتري عليه ص: 90.
(2) البداية والنهاية (7/ 137).
(3) الطبري (4/ 391).
(4) ابن الأمير (3/ 179).

الصفحة 145