كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

147…
نهَايَة مؤلمَة
كنا نعتقد أن الثوار قد غادروا المدينة بغير رجعة حين أقنعهم الخليفة بسلامة موقفه، وفنَّد لهم التهم التي وجهها المتمردون إليه ولكن المتمردين خافوا على أنفسهم عاقبة اكتشاف مؤامرتهم، فدبروا قصة الكتاب المزعومة ليبرروا عودتهم إلى المدينة وهناك يرتكبون جريمتهم النكراء.
لا شك أن هؤلاء المدفوعين على الخليفة لو عادوا إلى بلادهم، وحدثوا الناس بما انكشف لهم من براءته وكذب المتمردين لأحبطت المؤامرة من أساسها ولأصبح المتآمرون في حاجة ماسة إلى حيلة جديدة يبررون بها خروجهم على الخليفة المظلوم.
وأغلب الظن أنهم حينئذٍ لن يستطيعوا الإفلات من أيدي المسلمين، وأغلب الظن كذلك أنهم سيكونون عرضة لأشد أنواع العقاب جزاء ما اقترفوا من الافتراء والبهتان.
إننس أعتقد أن المتمردين قد أحسوا بخطورة الموقف، وأدركوا أن عودة المؤيدين لهم مقتنعين بما قال الخليفة، سيترتب عليها أمور قد تؤدي إلى الإطاحة برؤوسهم.
فأجمعوا أمرهم على تنفيذ الجريمة، ومهما كانت النتائج، فإن المصير أصبح ماثلاً أمام أعينهم، وبدلاً من أن يلقوه بعد العودة إلى بلادهم فليلقوه هنا، وقد تنجح المكيدة فينجون من المصير المحتوم.
وفوجئ أهل المدينة بعد ليالٍ خلت من انصراف الناس عنها بعودة الثائرين، وقد سمعت لهم أصوات في شوارع المدينة تنذر بشر مستطير،…

الصفحة 147