كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

149…مصر بقتل محمد بن أبي بكر (1).
والذي يظهر لي أن هذا لم يحدث، ولم يكن هناك رسول إلى العراقيين ولو صح ذلك لذكره المؤرخون كما ذكروا الغلام الذي قبض عليه المصريون، بل لاحتج العراقيون أنفسهم حين سألهم علي -رضي الله عنه- كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر، وقد سرتم مراحل، ثم طويتم نحونا (2)؟.
وإني أرجح أن يكون زعماء الفرق الثلاث، لما رأوا اقتناع الناس وانصرافهم أبرموا الأمر فيما بينهم قبل أن يخرجوا من المدينة وتواعدوا وقتاً محدداً يتوافون فيه، ثم تظاهروا بالعودة مع المقتنعين، حتى إذا حان الأجل المضروب بينهم قفلوا إلى المدينة جميعاً، أما أهل مصر فتذرعوا بالكتاب المزعوم، وأما أهل العراق فبحية منع إخوانهم والانتصار لهم.
وإن قول الإمام علي -رضي الله عنه- كيف علمتم يا أهل الكوفة، ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر، وقد رستم مراحل ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة.
وإن أجابة العراقيين على هذا السؤال بقولهم: (فضعوه كيف شئتم لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليتعتزلنا) (3) دليل قاطع على أن المؤامرة مدبرة وليس هناك كتاب ولا شيء مما تذرع به المتمردون.
يقول الشيخ صادق عرجون: والحق أنه لم يكن هناك كتاب بقتل أحد، لا من عثمان ولا من مروان، ولا كان هناك غلام أسود أو أبيض، ولا كان هناك ناقة ولا جمل ولكن الذي كان إنما هو تدبير شيطاني خبيث، وكيد أثيم، وتآمر يهودي من حزب السبأيين اشياع رأس الشر، وجرثومة الفساد ابن…
__________
(1) حاشية العواصم ص: 96.
(2) الطبري (5/ 105) طبع أوروبا.
(3) الطبري (5/ 105) طبع أوروبا.

الصفحة 149