15… ((إني رأيت رؤيا فاسمعوا مني)) (1).
هكذا كان - صلى الله عليه وسلم - يجلس في المسجد، فيعلم الجاهل، ويفتي السائل، ويعبر الرؤيا ويبين الأحكام، كما ورد في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد (2)، ويعلمهم ما يجب عليهم نحو نظافة المسجد، وذلك عندما رأى نخامة في القبلة (3).
وبذلك يصبح المسجد مدرسة للمسلمين يتعلمون فيها كل ما ينفعهم من أمور دينهم ومصالح دنياهم ولعل السر في ذلك أن ترتبط حياة المسلم بالمسجد، فيصبح معبده الذي يتبتل فيه، ومدرسته التي يتعلم فيها، وناديه الذي يلقى فيه إخوانه.
وعندما ترتبط حياة المسلم بالمسجد، يتعلق به قلبه، وتزكو فيه روحه، ويجد في رحابه أنس نفسه، وهناك تكون خلوته بربه، وراحته بقربه، فيكون الرجل ربانياً يسخر دنياه لخدمة آخرته، وتسمو الحياة في نظره لأنها وسيلة للوصول إلى بغيته.
وقد عرفت أدوات الكتابة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كالقلم والدواة - المحبرة - وأما الألواح فكانوا يكتبون على الخرق والأكتاف والحجارة وسعف النخل.
روى عن معاوية - رضي الله عنه - أنه كان بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ((ألق الدواة، وحرف القلم، وأقم الباء، وجر السين، ولا تعور الميم، وحسن الله، ومد الرحمان، وجرد الرحيم)) وقد علق صاحب التراتيب على الحديث بقوله: وهذا وإن لم تصح الرواية أنه - عليه السلام - كتب، فلا يبعد أن يرزق علم هذا، ويمنع الكتابة والقراءة (4).
…
__________
(1) فتح الباري (12/ 440).
(2) البخاري (1/ 323).
(3) البخاري (3/ 84).
(4) التراتيب الإدارية (1/ 127).