كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

152…إنه غاية الثوار كانت ترمي إلى هدم حقيقة الإسلام، وإلى النيل من عقيدته السمحة، وإلى تشويه مبادئه الهادية، وقد تناولها ابن سبأ بمفترياته المدمرة وحاول أن يجهز عليها بكتائبه المسلحة ولهذا لما بدأت محاولات الصلح بين علي -رضي الله عنه- وبين طلحة والزبير قبل وقعة الجمل تأخذ وضعها الطبيعي وتقاربت النفوس، وجدنا ابن سبأ يعقد مؤتمراً من رؤساء حركته، ويتبادل معهم الآراء، ويستمع إلى رأي كل منهم، ثم يرده لضعفه، وفي النهاية يقترح على أتباعه أن يبدأوا القتال عندما يتواجه الفريقان حتى يفسدوا خطة الصلح التي كاد أ، يصل إليها الطرفان (1).
وهكذا انتهت حياة الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- هذه النهاية المؤلمة وهكذا حقق الثوار -أو كادوا- خطوات حاسمة في طريق مآربهم، ولكن الإسلام كان أقوى من كل هذه الهجمات، وأعظم من كل هذه التحديات، وأقدر على الصمود والثبات فقد مات ابن سبأ وبقي الإسلام، وأما أفكاره المدمرة فقد عاشت في فئة تنبذها المسلمون لقبيح اعتقادها، وسوء تصرفاتها، وقيض الله للإسلام علماء نفوا عنه خبثها، وأظهروا للأمة فسادها فاستمسكت بعقيدة التوحيد وتنازل الحسن بن علي عن حقه لجمع كلمة المسلمين وتضييع الفرصة على الانتهازيين، واجتمع المسلمون على خليفة واحد جمع كلمتهم وأعدهم للجهاد وواجه بهم أعداء الإسلام والمسلمين.

__________
(1) الطبري (4/ 494).

الصفحة 152