158…فلما كانت الفتنة العمياء، وقتل الخليفة، غضب المسلمون لما حدث، وأخذ فريق منهم يحرضون على الأخذ بثأر عثمان، واجتمع هؤلاء المطالبون بدم عثمان في بلاد العراق، عندئذٍ قرر علي بن ابي طالب -رضي الله عنه- لأن يتوجه إلى العراق بمن يطيعه من المسلمين.
يقول الدينوري: ثم إن علياً -رضي الله عنه- نادى في الناس بالتأهب للمسير إلى العراق (1) ويبدو أن الخليفة قد اتخذ هذا القرار تحت ضغط ظروف خارجة عن إرادته نجملها فيما يلي:
1 - إن علياً -رضي الله عنه- وهو خليفة المسلمين كان يرى في حقه قتال من يخرج على بيعته ويقف عقبة في طريقه، وقد وقف طلحة والزبير وأهل البصرة عقبة، ولم يبايع أهل البصرة علياً.
فانتدب على الناس لقتالهم، فاختلف عليه أهل المدينة وبخاصة كبار الصحابة لما رأوا أنه يندبهم لقتال المسلمين (2).
2 - إن علياً كان يرى أن أنصاره وأعوانه بالعراق، وأنهم هم الذين سيقفون إلى جواره وبخاصة بعد أن قعد عن نصرته أهل المدينة، وأن لديهم من الأموال ما يعينه على قتال عدوه.
3 - كان علي يعتقد أن أهل الشام سيثبون على العراق، وأنه لا بدّ أن يكون قريباً منهم حتى يردهم إذا وثبوا.
وهذه الأسباب التي أجملناها هنا هي التي ذكرها الدينوري في الأخبار الطوال حين يقول: ولما همَّ علي -رضي الله عنه- بالمسير إلى العراق، لجتمع أشراف الأنصار، فاقبلوا حتى دخلوا على علي، فتكلم عقبة بن عامر - وكان بدرياً: فقال: يا امير المؤمنين، إن الذي يفوتك من الصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والسعي بين قبره ومنبره أعظم مما نرجو من العراق فإن كنت…
__________
(1) الأخبار الطوال ص: 142.
(2) المرجع نفسه ص: 142 - 143.