كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

17…ومعلوم أن الأمر المقصود في الحديث هو تعليمهم الصلاة حتى يمكنهم أداؤها على النحو المطلوب شرعاً، وهذا يدل على أن الصبي متى بلغ سن السابعة امكنه أن يتلقى التعليم عن غيره بدون مشقة.
ويدل الحديث على أن التعليم في هذه الفترة يكون بالتوجيه والإرشاد والرفق، فإذا بلغ العاشرة، ولم يذعن للتعليم، ولم يستجب للموجهين، وجب استعمال شيء من الشدة حتى يرتدع وينزجر، ويسلك الطريق الصحيح.
والمشاهد في هذه الأيام أن الطفل إذا بُدىء في تعليمه قبل هذه السن يتعثر ويصعب عليه مواصلة التعليم إلا بمشقة قد تؤدي في النهاية إلى ترك التعليم، ولهذا فإن خبراء التربية لم يسمحوا للطفل بمزاولة التعليم في المرحلة الابتدائية قبل أن يتم السادسة من عمره بمعنى أنه يكون قد بدأ في السابعة أو كاد يبدأ فيها.
والحديث يقرر قاعدة الثواب والعقاب في التعليم، وهي قاعدة حاول علماء التربية المحدثين تنكبها حين قرروا عدم العقاب زاعمين أنه يؤدي إلى عقد نفسية تنفر من التعليم، وتظهر المعلم في صورة وحشية لا تمكن التلميذ من التلقي عنه.
ونحن نقول: إن هذا الكم يكون صحيحاً إذا كان العقاب يخرج عن طاقة التلميذ ويقوم به المدرس في صورة رهيبة، كأنه ينتقم لنفسه من التلميذ المقصر.
أما إذا كانت العقوبة بالشكل الذي حدده الإسلام بحيث يكون الضرب غير مؤذِ ولا مبرح، فإنها لا تؤدي إلى هذه العقد، ولا تكون رهيبة منفرة بل تؤدي الغرض، وتشعر التلميذ بالتقصير فقوم بعلاجه، كما يحس بحرص المدرس على مصلحته فيزداد حبه له، وتتوثق العلاقات بينهما.
ونحن نشاهد نتائج قرار المحدثين من المربين بعدم أخذ التلميذ بشيء من العقاب، ونلمس آثاره في بيوتنا ومدارسنا، وشوارعنا ومحافلنا، ونرى…

الصفحة 17