174…
كُتِبَ كتابة سرد الأحداث بالتحليل والتعليق أو يتناول الشخصيات بالدرسة والتحقيق أو يربط بين الأحداث المنسوبة إلى شخص ما وصفات هذا الشخص وما اشتهر به ليستوثق من صحّة نسبة الأحداث إليه أم لا، فهذا شيء لم نره في كتب التاريخ المعتبرة كمصادر للبحث العلمي، اللهم إلا ما جاء في البداية والنهاية لابن كثير عندما تعرض لأحداث الفتنة، وتعليقه على ما نسب إلى الإمام علي رضي الله عنه - من الكلام الذي قاله في حق معاوية وأبيه أبي سفيان.
كذلك بعض تعليقات لابن الأثير في الكامل على الأحداث التي كانت قبل الإسلام وما عدا ذلك فإننا لا نجد في كتب التاريخ إلا الأحداث والروايات سبقت كما رويت ولهذا نجدها تكاد تكون صورة واحدة حتى في ألفاظها.
من أجل هذا كانت مهمة الباحث المحقق شاقة وعسيرة، وتحتاج فوق هذا إلى وقت وجهد يستطيع بهما أن يحقق مقصده، ويبلغ مراده.
ولقد احتوى هذا الموضوع الذي نحن بصدده فترتين من فترات التاريخ الكثيرة.
أما أولاهما:
فهي فترة ما قبل الإسلام، وهي فترة لم يكن التاريخ قد عرف فيها الجزيرة العربية إلا لماماً، ولهذا كانت روايات المؤرخين فيها أشبه ما تكون بالأساطير في كثير من الأحيان ولو استثنينا ما كان في جنوب الجزيرة من الحضارة التي أرغمت التاريخ على كتابة وقائع تلك الفترة في هذا الجزء من شبه الجزيرة، لوجدنا ما عداه قصصاً مشوباً بالأساطير.
ولو استثنينا ما أخبرت به - الكتب المقدسة، وما وجد منقوشاً على الأحجار القديمة لعزّ علينا أن نعرف شيئاً عن تاريخ هذه الحقبة على وجه التحقيق.
ولهذا كان على الباحث أن يعتمد عند كتابته عن هذه الفترة من التاريخ على ما يأتي:…