21…المواصلة رجاء الاستزادة من فضل الله.
ويقول - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر لعائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها-: ((يا عائشة، لولا قومك حديث عهد بكفر، لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين، باب يدخل الناس وباب يخرجون)) (1).
والرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث يراعي ظروف الناس وأحوالهم، فلا يدخل عليهم ما يقلقهم أو يشككهم أو يحدث في نفوسهم أثراً سيئاً، ولهذا ترك بناء الكعبة على النحو الذي يريد مخافة أن يدخل في نفوس المسلمين شيء يوقعهم في أمر خطير.
ولهذا ترجم البخاري - رحمه الله - للباب بقوله: ترك بعض الاختيار - أي فعل الشيء المختار - مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه.
ويقول الإمام علي - رضي الله عنه-: (حدَّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟) (2).
نفهم من هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قعد للتعليم قاعدة هامة تنحصر في أن المعلم يجب أن يراعي أحوال المتعلمين، ومقدار فهمهم، ويتصرف معهم على النحو الذي يصلحهم، ويعطيهم من العلم ما تطيقه عقولهم.
ومعنى هذا أن تكون مناهج التعليم مشتملة على أمرين هامين: الأول: تحقيق المصلحة للمتعلم.
والثاني: أن تكون مناسبة للمستوى العقلي له.
والمتبادر إلى الذهن من اشتمال المناهج على هذين الأمرين أن تكوت المناهج مرحلية، أي متدرجة تنقل المتعلم من مرحلة إلى مرحلة أرقى منها.
وأما محتوى المنهج فقد تركه الإسلام، ولم ينص عليه، لأنه يختلف…
__________
(1) نفسه ص: 224.
(2) نفسه ص: 225.