26…نلاحظ من اتسعراض تلك النماذج أنها تتناول موضوعات مختلفة، فمنها دروس في العقيدة، ومنها تنبيه إلى خطورة الجانب الاجتماعي والأخلاقي ومنها تذكير بنهاية الحياة وفنائها.
ونلاحظ كذلك أن الصحابة - رضي الله عنهم - حاولوا الإجابة عن بعض الأسئلة ولكنهم لم يوقفوا في الإجابة، وسكتوا عن بعضها مفوضين علمها إلى الله ورسوله، وفي كلا الحالين نرى أن الرسول كان يجيب الإجابة الصحيحة.
وبهذا يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد وضع نماذج حية للتدريس بالطريقة الاستنباطية، ونعلم من هذا أن الطريقة ليست من ابتكار علماء التربية، ولكنهم أدخلوا عليها بعض التحسينات بما يتناسب مع البيئة والظروف التي يدرس فيها المدرس كوسيلة الإيضاح، وسرد بعض القصص الموحية بموضوع الدرس قبل البدء فيه.
ولم تكن الطريقة الحوارية غير معروفة في عهد الرسول، بل كانت معلومة واستعملها - صلى الله عليه وسلم - في تعليم المسلمين، وعلماء التربية يقصدون بالطريقة الحوارية تبادل الأسئلة والأجوبة من الطالب والمعلم، أو من الدارس والمدرس، وهي بهذا المعنى معروفة في دروس الرسول لأصحابه كما سنبيه فيما بعد.
والطريقة الحوارية جيدة في التذكير بالمعلومات، والإيحاء بالإجابة، وفي نفس الوقت تضفي على الجو الدراسي روحاً من الحيوية والنشاط، وتشعر الطالب بالجهد الإيجابي الذي يبذله أثناء الدرس، وتحبَّبه في المدرسة، فيتعلق قلبه بها.
وكثيراً ما كان رسول الله يدير حلقة العلم بهذا الأسلوب، فكان يجلس لأصحابه يتلقى منهم الأسئلة ويجيب عنها، وتارة يلقي عليهم الإجابة في صورة أسئلة يطرحها عليهم، أو يوجه الأسئلة لتتحفز أذهانهم للإجابة، فإذا تهيأت لذلك ألقى عليهم الإجابة فتظل مستقرة في عقولهم.
…