كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

29…ونعلم من هذا أن المدرسة الإسلامية الأولى قد عرفت طرق التدريس واستعملتها قبل أن يؤلف في هذا الفن، ويصبح له كتب تدرس.
مكانة المعلم
للمعلم في الإسلام مكانة عظيمة ومنزلة كبيرة، لأنه هو الذي يربي ويهذب، ويخرج طلابه من ظلام الجهل إلى نور المعرفة والعلم، وكان الصحابة - رضوان الله عليهم - يعرفون هذا القدر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يعرفه بعضهم لبعض.
وكثيراً ما كان يظهر هذا الاحترام والإجلال عندما يلتقي الطالب ومعلمه، فيقبل الطالب يد المعلم.
عن زارع بن عامر قال: لما قد منا للمدينة، فجعلنا نتبادر من رواحلنا، فنقبل يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجله (1).
وعن جميلة أم ولد أنس بن مالك، قالت: كان ثابت إذا أتى أنساً قال: أي - أنس: يا جارية هات لي طيباً أمسح يدي، فإن ثابتاً لا يرضى حتى يقبل يدي) (2).
كما كان يظهر الاحترام من الطلاب للعلماء ومعلميهم حين يأخذ الطالب بركاب دابة المعلم.
عن عمار بن أبي عمار، أن زيد بن ثابت ركب يوماً فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: تنح يا ابن عم رسول الله، فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل لعلمائنا وكبرائنا، وفي رواية أن أمرنا أن نأخذ بركاب معلمينا (3).
ولقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن العلماء ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم…
__________
(1) رواه أبو داود.
(2) التراتيب الإدارية (2/ 436)، ونسب روايته إلى أبي يعلى.
(3) نفسه (2/ 436).

الصفحة 29