36…عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج - أي إلى النساء- ومعه بلال فظن أنه لم يسمع، فوعظهن وأمرهن بالصدقة (1).
وليس المراد بالتعليم تعليم العلوم الشرعية فقط، حيث لا مانع أن تتعلم الطب لتعالج الإناث: وتتعلم المفيد من العلوم لتعليم النساء إلى غير ذلك من العلوم التي تفيد بها بني جنسها، وستجد من افسلام كل عون في ذلك.
ولا يشترط عليها الإسلام إلا شرطين الأول: أن تطلب العلم بحشمة ووقار فلا تخالط الأجانب ولا تزاحم الرجال في مجالسهم، والثاني: أن يكون ما تتعلمه مما يعود عليها بالنفع والخير.
عن عبد الله بن عقبة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للشفاء بنت عبد الله العدوية: ألا تعلمين حفصة رقية النملة كما علمتها الكتابة (2).
وهذا الحديث صريح في أنه لا بأس بأن تتعلم النساء الطب فإن الرقية نوع من الطب في ذلك العصر، وفيه أخبار بما سبق من أنها علمت السيدة حفصة الكتابة - رضي الله عنهما-.
وقد بلغ حرص النساء على التعلم أن طلبن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخصصن لهن يوماً يعلمهن فيه.
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم -: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوم من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن (3).
وفي رواية فقال: ((موعدكن بيت فلانة، فأتاهن فحدثهن)) (4).
والذي يظهر أن النساء كن يسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحضرون درسه…
__________
(1) نفسه ص: 192.
(2) البلاذري ص: 458 والنملة قروح تخرج بالجسم وسميت بذلك لانتشارها وتفشيها بالجسم، والحديث رواه أبو داود بسند صحيح.
(3) البخاري (1/ 195).
(4) فتح الباري (1/ 196).