43…
الحَرَكَة العِلميّة في عَصُرِ الخلفَاء الرّاشِديُن
بدأت الخلافة الرشيدة بتولي أبي بكر أمور المسلمين بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكانت مدة خلافته مملوءة بالأمور التي شغلته عن أن يبرز له أثر في الإصلاحات الداخلية كعمارة المسجد والحركة العلمية وغيرهما، كما أن المسلمين أنفسهم كانوا في شغل شاغل عن الاهتمام بتلك الأمور حيث كانت حركة الردة قد استفحلت، وخشى المسلمون على دينهم أن يقع فريسة في أفواه الوحوش الضارية، فهبوا جميعاً لنصرته، وتأديب المتمردين وردهم إلى الإسلام أو القضاء عليهم.
وقضى على الردة والمرتدين وزحفت الجيوش الإسلامية على العراق والشام، وفاءت الجزيرة إلى ظلال الإسلام، وأخذت الحركة العلمية وضعها الطبيعي في آخر خلافة الصديق - رضي الله عنه - فهذا ابن مسعود يدرس ويفتي، وهذا معاذ بن جبل يعلم ويرشد وهكذا.
ومما لا جدال فيه أن عصر الراشدين امتداد واضح للعصر النبوي فلا غرابة أن يكون مدّ الحركة العلمية فيد مسايراً لكل ما يجدّ من فتوح وتطور، وكل ما يدخل على المسلمين من آثار تلك الفتوح مما كان موجوداً في البلاد المفتوحة، من التقدم العلمي والحضاري.
ويظهر ذلك جلياً في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين اتسعت رقعة البلاد المفتوحة، ودخل فريق كبير من أهلها في الإسلام، وفي عقولهم علوم مدروسة، وحضارة موروثة ولم يكن عمر ممن يغيب عنهم أثر…