كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

53…عنهما - وأعطاه الرسول راية بني النجار يوم تبوك، فقال عمارة بن حزم وكانت معه الراية، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطاها زيداً؛ يا رسول الله، بلغك عني شيء؟ قال: ((لا، ولكن القرآن مقدم)) (1).
وكان حفاظ القرآن على عهد رسول الله قليلين حتى حضرهم جماعة في أربعة نفر هم: أُبَيّ بن كعب ومعاذ ابن جبل وزيد بن ثابت، وأبو زيد قيس بن السكن، وزادهم جماعة إلى عشرة هم: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء عويمر ابن عامر، وزيد بن ثابت، وأبو زيد قيس بن السكن، وتميم الداري، وعبادة ابن الصامت، وأبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري (2).
وبلغ عددهم عند صاحب الفجر الساطع خمسة عشر رجلاً أو يزيدون ذكر منهم الخلفاء الأربعة، وطلحة بن عبيد الله، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وسالم بن معقل مولى أبي حذيفة، وأبا هريرة عبد الله بن عامر الدوسي، وعبد الله بن السائب (3).
ومهما بلغ عدد الحفاظ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم قليلون، وليس أدل على قلتهم من محاولة إحصائهم، ثم إن حصرهم في أربعة قول مردود عقلاً إذ لا يعقل أن يكون الذين جمعوا القرآن حفاظاً في ذلك العهد من القلة إلى هذا الحد، ولهذا أنكر هذا الحصر كثير من العلماء، وتأولوا قول أنس - رضي الله عنه -: لم يجمع القرآن غير أربعة، على أن المراد لم يجمعه على وجوهه من القراءات التي أنزل بها إلا أولئك الأربعة.
ولعل الذي دعا أنساً - رضي الله عنه - إلى أن يقول ذلك ما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((خذوا القرآن من أربعة، من ابن أم عبد - يعني عبد الله بن مسعود - ومعاذ بن جبل، وأُبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة)) (4).

__________
(1) نفسه (1/ 561).
(3) التراتيب (1/ 45).
(2) التراتيب (1/ 46).
(4) الاستيعاب (2/ 319).

الصفحة 53