كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

6…منه كاملاً غير منقوص، والإسلام قد أحل المدرس المكانة اللائقة به، والزم الطلاب بآداب يجب أن يلتزموها مع معلميهم.
وقد اتسعت تلك الحركة في عصر الخلفاء ففتحت الكتاتيب، ودرست فيها العلوم الدينية وعلوم العربية إلى جانب حفظ القرآن الكريم، وعرفت إلى جانب ذلك كله علوم نبغ فيها المسلمون كعلوم الأنساب والحساب والفرائض، والعلوم العسكرية، والعلوم الإنسانية كالجغرافيا والتاريخ، وكذلك كانت لهم معرفة بعلوم الطب والعقاقير الطبية.
وفي هذا الجزء كذلك أتناول الفتنة العمياء التي أشعل نارها أناس ليسوا من الإسلام في شيء محاولاً تحليل شخصيات المتمردين، وموضحاً الأسباب الحقيقية لتلك الفتنة الهوجاء مناقشاً بعض مشاهير الكتاب في آرائهم التي لم تبن على أسس علمية صحيحة، لإظهار وجه الحق فيما تعرضوا له.
وأختم هذا الجزء ببيان نتجية هذا التحول عن المدينة ونقل الخلافة إلى الكوفة ثم إلى دمشق وأثر ذلك سياسياً واقتصادياً في المدينة المنوّرة.
إن الإسلام وهو يعالج مشكلة التعليم ليبني خطته على أسس علمية يندهش لها كل من يقف عليها، لأننا سنلاحظ ونحن نقرأ هذا الجزء بتمعن ودقة أن كل ما يدّعي علماء التربية المحدثون أنه ابتكار وإبداع لم يعرفه العالم من قبل إنما هو ادعاء غير صحيح.
لقد عرف المسلمون في هذا العصر الذي نتناوله، طرق التدريس قبل أن يولد علماء التربية، عرفوا الطريقة الاستقرائية، والطريقة الحوارية، وطريقة الإلغاء؛ كما وضعوا المناهج المناسبة لكل المستويات الفكرية.
وأما عن الفتنة وأصولها وجذورها فقد تناولتها بطريقة حيادية صرف حتى يمكن الوصول إلى الحقائق دون أن تتوتر الأعصاب أو تتورط الألسنة، ووصلت فيها إلى نتائج أرجو أن أكون قد قد وقفت في نسبة الأحداث إلى أصولها، وسأزيد بعض الشبه توضيحاً في كتابي [جولة تاريخية في عصر الخلفاء الراشدين].

الصفحة 6