61…إذن فليس كل شاعر غاوياً، وليس كل الشعراء هائمين في أودية الضلال، بل منهم المؤمنون الصالحون، ومن الشعر ما هو حلال طيب، حتى قال الرسول لحسان: ((هاجهم وجبريل معك)) (1) وقال: ((إن من الشعر حكماً، ومن البيان سحراً)) (2).
ولهذا كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول: عليكم بالشعر فإنه يعرب ألسنتكم (3).
وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: الشعر ديوان العرب، فإذا خفى عليكم الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغه العرب فارجعوا إلى ديوانها، فالتمسوا معرفة ذلك منه (4).
فالشعر العربي مرجع لمن خفي عليه شيء من القرآن الكريم والسنّة المطهرة، ولقد كان كبار الصحابة أنفسهم يلجأون إلى الشعر إذا خفى عليهم شيء من معاني القرآن الكريم.
روى الشاطبي في الموافقات أن عمر -رضي الله عنه- كان على المنبر يوماً فقرأ، (أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم) (5) ثم سأل ما التخوف؟.
تخوف الرجل منها تامكا قردا ... كما تخوف عةد السبعة السفن (6)
فعمر -رضي الله عنه- لما خفيَ عليه معنى التخوف سأل عنه، وكانت الإجابة من شعر العرب ومن هنا يتبين لنا قيمة الشعر العربي بالنسبة لما يخفي علينا من كلمات القرآن، ومن هنا ندرك حرص السلف على حفظ الشعر وحثهم على تعلمه والعناية به.
…
__________
(1) البخاري.
(2) أخرجه ابن أبي شيبة.
(3) التراتيب (2/ 300).
(4) نفس المرجع والصفحة.
(5) النخل: 47.
(6) الموافقات (2/ 61)، وعندما سمع عمر قول الرجل قال: أيها الناس تمسكوا بديوان شعركم في الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم.