كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

67…
وكأن أصحاب النبي عشية بدن تنحر عند باب المسجد
فابك أبا عمرو لحسن بلائه أمسى مقيما في بقيع الغرقد (1)
7 - وفي الأبيات يمدح العباس بن مرداس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويفتخر بنصر الرسول وشجاعة قومه يوم اللقاء.
إمّا أتيت على النبي فقل له حقاً عليك إذا اطمأن المجلس
يا خير من ركب المطيَّ ومن مشى فوق التراب إذا تعد الأنفس
إنا وفينا بالذي عاهدتنا والخيل تقدع بالكماة وتضرس
حتى صبحنا أهل مكة فيلقا شهباء يقدمها الهمام الأشوس
وعلى حنين قد وفى من جمعنا ألف أمد به الرسول عرندس
كنا أمام المؤمنين درئية والشمس يومئذٍ عليهم أشمس
نمضي ويحرسنا الإله بحفظه والله ليس بضائغ من يحرس
وغداة أوطاس شددنا شدة كفت العدو وقيل منها: با احبسوا
تدعو هوازن بالإخاوة بيننا ثدي تعد به هوازن أيبس
حتى تركنا جمعهم وكأنه عير تعاقبه السباع مفرس (2)
وهذه النماذج كافية لتعطينا صورة واضحة عن اتجاه الشعر والشعراء في هذا العصر نرى فيها على اختلاف مستوياتها روحاً دينية عميقة سخرت الشعر لخدمة الدعوة الإسلامية كما نرى فيها على اختلاف فنونها أثر الإيمان والاعتزاز بالانتساب إلى الإسلام والخشية من الله -عز وجل- ونظرة الاحترام والتقدير لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ونستطيع أن نقول بعد ذلك إن الشعر وسيلة من أعظم وسائل الإعلام استغلها المسلمون في التعريف بالإسلام، والتعبير عما في نفوسهم في المناسبات المختلفة والرد على ذوي الشبهات والإلحاد، وبعد أن كان الشعر قبل ذلك مطية يصل عليها الشاعر لأغراضه الشخصية ومآربه الذاتية، أصبح…
__________
(1) شعر الدعوة ص: 482.
(2) نفس المرجع ص: 300.

الصفحة 67