كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

68…لسانا يترجم مبادئ الإسلام ويعلن رأي الدولة، وحجة تدمغ الباطل، وتكشف زيفه، وقوة يرهبها العدو، ويحذرها المحايد.
ومن المعلوم أن الشعر بوزنه الموسيقي الأخاذ، وقافيتهالرتيبة الجذابة أخف على السمع، وأسهل في الحفظ، وأعذب في السماع، وأعظم في التأثير، لهذا كان موقف الإسلام من الشعر موقف التقدير لمهمته، والتأييد لرسالته، حتى قال الرسول -صلى الله عيله وسلم- فيه: ((وإن من الشعر لحكما)) (1).
عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اهجوا قريشاً فإنه اشد عليهم من رشق النبل)) فأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم، فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب ابن مالك، ثم أرسل إلى حسان ابن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فريَ الأديم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسباً، حتى يلخص لك نسبي)) فأتاه حسان ثم رجع، فقال: يا رسول الله قد لخص لي نسبك واذلي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين.
قالت عائشة: فسمعت رسول الله يقول لحسان: ((إن روح القدس ما زال يؤيدك ما نافخت عن الله ورسوله)) وقالت: سمعت رسول الله يقول: ((هجاهم حسان فشفى واشتفى)) (2).
ثالثاً - العلوم الإنسانية
تطلق كلمة العلوم الإنسانية ويراد بها العلوم ذات العلاقة بالإنسان من حيث حياته واتصالاته بغيره، وتربيته، وما يعتريه من أحوال نفسية وهي العلوم المعروفة بالتاريخ والمجتمع والتربية وعلم النفس والجغرافيا.

__________
(1) رواه أحمد وأبو داود.
(2) رواه مسلم.

الصفحة 68