كتاب الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه

73…ذلك يؤدي إلى مضاعفة الدخل، وإنعاش اقتصاد البلاد فيعيش الناس في رخاء، ويستتب النظام.
ولقد أدهش هذا التقرير ببلاغته ودقته أمير المؤمينن فقال كلمته التي أشرت إليها من قبل: لله درك يا ابن العاص، لقد وصفت لي خبراً كأني أشاهده.
وكذلك أعجب به الكاتب الفرنساوي (أكتاف أوزان)، وترجمه إلى عدة لغات، ونشره في جريدة الفيجارو الفرنسوية، ووصفه بأنه من أكبر آيات البلاغة في كل لغات العالم.
واقترح وجوب تدريسه في كل مدارس العالم حتى يتعلموا منه مع قوة الوصف ومتانة التعبير، صحة الحكم على الأشياء، وكيفية تنظيم الممالك وسياسة الاستعمار.
ولا شك أن اقتراح الكاتب الفرنسي، دليل واضح على أن العرب المسلمين كانوا أساتذة الغرب في هذه العلوم - علوم تنظيم الممالك وسياسة الأمم - حيث دعاهم إلى أن يتعلموا من تقرير عمرو -رضي الله عنه- ويعلموا أبناءهم ما يفيدهم ويستطيعون به تنظيم الأمم وسياسة الدول.
وإلى جانب هذه الإشادة بخطاب عمرو إلى أمير المؤمنين، وما فيه من وصف دقيق وماله من تأثير عميق، وإلى جانب دعوة العالم لأن يتعلم من الرسالة ما فيها من توجيهات سياسية واقتصادية، إلى جانب ذلك تقوم دعوة معاكسة للتشكيك في هذا التقرير ونفي نسبته إلى عمر بن العاص -رضي الله عنه-.
ويعتمد النافون للتقرير على أدلة أخذوها من نفس التقرير، فهم يزعمون أن هذا الأسلوب الرشيق لم يكن معروفاً في هذا العصر، هذا زيادة على ما فيه من المحسنات البديعية التي لم تعرف إلا بعد ذلك بقرون.

__________
(1) التراتيب (2/ 267).

الصفحة 73