83…الحسنة فمدحها وحث عليها، وأظهر فوائدها للمجتمع، وثمرتها لنفس صاحبها، ونحن نسمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يمدح الصدق كعادة، ويرفع من شأن الأمانة حتى يجعلها دليل الإيمان، ويجعل إكرام الضيف من علامات الإيمان، ويبين أن الصبر نصف الإيمان والقرآن الكريم يثني على الصادقين، ويأمر بالصبر، ويخضُّ على أداء الأمانات.
وبهذا التركيز على هذه العادات الحسنة وغظهارها في تلك الصور الممدوحة المحببة يثبت تلك العادات في نفوس المسلمين، ويربيهم عليها فينشأ مجتمع فاضل ونظيف.
وأما العادات السيئة فيبرزها في صورة بشعة دنيئة، ويقبحها ويركز على إبراز جوانب الشر والقبح وينفر منها تنفيراً يجعل النفوس تشمئز من سماعها وتبغض المتصفين بها، وكان ذلك واضحاً عندما تناول القرآن ذكر الخمر ووأد البنات وما يعود على المجتمع من أضرار الميسر إلى غير ذلك من العادات السيئة.
ولا تكاد النفس السوية تتراءى لها تلك الصور القبيحة البشعة حتى تقلع عن تلك العادات، وتحاول النخلص منها بشتى الوسائل والطرق، حيث ترى فيها تشويهاً للصورة الإنسانية الوضيئة التي فطر الله الناس عليها.
وفي هذا الحديث نموذج للترغيب في العادات الحسنة والترهيب من العادات القبيحة بأسلوب شيَّق الغاية، ويوصل إلى المطلوب، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرى بالصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً.
وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذّاباً) (1).
والقرآن الكريم يمدح العادات الحسنة يقول - تعالى-: (إن الله…
__________
(1) رواه مسلم.