99…
بين عمر وعثمان (رضي الله عنهما)
انتقل أمر المسلمين إلى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعد وفاة عمر بن الخطاب، وأصبح عثمان أمير المؤمنين والقائم على أمور المسلمين، وفرح المسلمون بخلافة عثمان فرحاً عظيماً لما لسموا فيه من لين الجانب، وكثرة الإحسان والحلم، واتخاذه التوسعة على المسلمين منهجاً يسير عليه.
والحق أن الناس قد ضاقوا بسياسة عمر -رضي الله عنه- التقشفية الشديدة التي كان يأخذ بها نفسه قبل ان يأخذ بها الرعية، وكانوا يرون أن في تلك السياسة تحجيراً عليهم في أمر قد وسعه الله لهم، وتضييقاً على المسلمين في وقت اكتظ فيه بيت المال بأنواع مختلفة من الدخل.
والذي لا شك فيه ان أيلولة الحكم إلى عثمان قد أحدث انقلاباً خطيراً في السياسة المالية والإدارية، بقدر ما كان بين الرجلين العظيمين من الفوارق الشخصية.
لقد كان عمر شديد الزهد كثير الورع عازفاً عن كل ما يحفل به الناس، في حياتهم في الملبس والمأكل والمشرب، وقد لاحظ عليه أولاده ذلك فكلمته السيدة حفصة أم المؤمنين وابنه عبد الله -رضي الله عنهما- وقالا: لو أكلت طعاماً طيباً كان اقوى لك على الحق، فقال: أكلكم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم، قال: قد علمت نصحكم، ولكني تركت صاحبَيَّ على جادة، فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل (1).
__________
(1) السيوطي تاريخ الخلفاء ص: 128.