كتاب غرائب التفسير وعجائب التأويل

احتمل أن تكون بعدها ثالثة، فقيد بالعشرة، ليُعلَم أنها كملت.
وأما الحساب، فإن السبعة المذكورة عقيب الثلاثة تحتمل أن تكون مع الثلاثة كما في قوله سبحانه: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ)
أي مع اليومين اللذين ذكرا في قوله: (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) ، ولا بد من هذا لدفع التناقض في الآية، وسياتي في موضعه - إن شاء الله -، فقيد بقوله: (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) ليعلم أنها سواها.
والثاني: أن عادة الحساب قد جرت بذكر الجملة بعد التفصيل.
كقول الشاعر:
ثلاثٌ واثنتانِ فهنَّ خمسٌ. . . وسادسةٌ تميلُ إلى ثماني
لأن العدد، إما أن يذكر مفصلا، ثم يقال: "فذلك" كذا، فيذكر
مجملاً، كما في الآية، وإما أن يذكر مجملاً ثم يقال: "منها"، فيذكر
مفصلاً، كما في الآية الأخرى: (اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) .
قوله: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) .
فيه تقديران أحدهما: أشهر الحج أشهر، فحذف المضاف من المبتدأ.
والثاني: الحج حج أشهر، فحذف المضاف من الخبر، أي إلا ما تفعله
النسأة من قوله: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) .
والغريب: قول أبي علي: جعل الأشهر حجا لكثرة وقوعه فيها.
قوله: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)
الفعل مجزوم بـ "مَا" و "مَا" منصوب بالفعل.

الصفحة 207