كتاب الرسالة المدنية في تحقيق المجاز والحقيقة في صفات الله (مطبوع ضمن الفتوى الحموية الكبرى)

الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا " رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: " يمين الله ملأى لا يَغِيضُهَا نفقة، سَحَّاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم يَغِض ما في يمينه، والقِسْط بيده الأخرى، يرفع ويخفض إلى يوم القيامة " رواه مسلم في صحيحه؛ والبخاري فيما أظن [قوله: لا يغِيضُها أي: لا ينقصها] .
وفي الصحيح أيضًا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تكون الأرض يوم القيامة خُبْزَةً واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم بيده خُبْزَتَه في السفر " [قوله: " خُبْزَة واحدة يتكفّؤها الجبار بيده ": الخُبزة: الطُّلمة، وهي عجين يوضع في الرماد الحار حتى ينضج. ويتكفؤها الجبار بيده، أي: يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوى، والمعنى: أن الله تعالى يجعل الأرض كالرغيف العظيم، ويكون ذلك طعامًا نزلاً لأهل الجنة. انظر: القاموس، مادة خبز وتعليق الشيخ عبد الباقي] .
وفي الصحيح أيضًا عن ابن عمر، يحكى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يأخذ الرب عز وجل سمواته وأرضه بيديه وجعل يقبض يديه ويبسطهما ويقول: أنا الرحمن " حتى نظرت إلى المنبر يتحرك أسفل منه، حتى إني أقول: أساقط هو برسول الله؟ وفي رواية: أنه قرأ هذه الآية على المنبر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] ، قال: " يقول: أنا الله، أنا الجبار " وذكره. وفي الصحيح أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقبض الله الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ "، وما يوافق هذا من حديث الحبر.
وفي حديث صحيح: " إن الله لما خلق آدم قال له ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت، قال: اخترت يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريته "، وفي الصحيح: " إن الله كتب بيده على نفسه لما خلق الخلق: إن رحمتي تغلب غضبي ".
وفي الصحيح: أنه لما تحاج آدم وموسى قال آدم: يا موسى، اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده، وقد قال له موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه. وفي حديث آخر: أنه قال سبحانه: " وعزتي وجلالي، لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له: كن، فكان "،وفي حديث آخر في السنن: " لما خلق الله آدم ومسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذريته، فقال: خلقت هؤلاء

الصفحة 14