كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

وبعد انقضاء القرون المفضلة؛ كثرت البدع والخرافات، والرجوع إلى الوثنية الأولى، بتعظيم المشاهد والقبور، وصرف العبادة لها من دون الله، وتقديم الآراء على السنة المطهرة، والتقليد على الأخذ من الوحيين، وتعطيل الأسماء والصفات بالتأويل، ودانوا بالبدع، وحكموا بحسن أكثر أنواعها.
سرى ذلك في أكثر الأمة الإسلامية، من بعض الأمم الأعجمية الداخلة في الإسلام نفاقاً وكيداً من بعضهم، وحسن ظن من بعض، وعدم فهم كامل لأصول الدين.
وسكت الأكثرون، إما لجهل بالحقائق، وإما مداهنة مع الرؤساء والجماهير، فلهذه الأسباب عَمَّ طوفان البدع والوثنية، فأغرق الأكثرين، وعم أرجاء الأرض من سائر الأقطار.
ولكن والحمد لله لم يخل قرن من القرون التي كثرت فيها البدع والشرك القبيح؛ من علماء ربانيين، ودعاة مصلحين، يجددون لهذه الأمة أمر دينها، بالدعوة والتعليم، وحسن القدوة، وينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، كما يقومون برد الشبه، وقمع الملحدين، وتأييد شريعة سيد المرسلين.
وذلك مصداق ما ورد في الحديث الذي رواه أبو داود: "إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لههذ الأمة أمر دينها" 1.
ولقد كان الشيخ الكبير والمصلح الشهير، الداعي إلى توحيد الله العلي الكبير، الشيخ: محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي، رحمه الله، من أولئك العدول المجددين، والمصلحين والمخلصين.
1 هذا الحديث إسناده جيد، رجاله كلهم ثقات، وقد صححه الحاكم والحافظ العراقي والعلامة السخاوي وآخرون، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "النهاية" لما ذكر هذا الحديث ما نصه: "وقد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه يعم حملة العلم من كل طائفة، وكل صنف من أصناف العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء ونحاة ولغويين، إلى غير ذلك من الأصناف"انتهى، والله أعلم. عبد العزيز بن عبد الله بن باز.?

الصفحة 10