كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} .
إذن، فما بال العالم الإسلامي اليوم يعدل عن هذا التوحيد المطلق الخالص من كل شائبة، إلى أن يشرك مع الله كثيراً من خلقه؟.
فهذه الأولياء يحج إليها، وتقدم لها النذور، ويعتقد أنها قادرة على النفع والضر.
وهذه الأضرحة التي لا عداد لها تقاوم في جميع أقطاره، يشد الناس إليها رحالهم، ويتمسحون بها، ويتذللون لها، ويطلبون جلب الخير لهم ودفع الشر عنهم، ففي كل بلدة ولي أو أولياء، وفي كل بلدة ضريح أو أضرحة، تشترك مع الله تعالى في تصريف الأمور، ودفع الأذى وجلب الخير، وكأن الله سلطان من سلاطين الدنيا يتقرب إليه بذوي الجاه، وأهل الزلفى لديه، ويرجحون في تغيير القوانين وقضاء الحاجات.
أليس هذا كما كان يقول مشركو العرب: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ؟، وقولهم: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ؟.
بل وا أسفاه، لم يكتف المسلمون بذلك، بل أشركوا مع الله حتى النبات والجماد، فهؤلاء أهل بلدة منفوحة باليمامة يعتقدون في نخلة هناك أن لها قدرة عجيبة، من قصدها من العرائس تزوجت لعامها.
وهذا الغار في الدرعية يحج إليه الناس للتبرك. وفي كل بلدة من البلاد الإسلامية مثل هذا، ففي مصر شجرة الحنفي، ونعل الكلشني، وبوابة المتولي1.
وفي كل قطر حجر وشجر، فكيف يخلص التوحيد من كل هذه العقائد؟.
إنها تصد الناس عن الله الواحد، وتشرك معه غيره، وتسيء إلى النفوس، وتجعلها ذليلة وضيعة مخرفة، وتجردها من فكرة التوحيد، وتفقدها التسامي.
__________
1 شجرة الحنفي: شجرة كانت في جامع الحنفي بالقاهرة يتبرك بها، ونعل الكلشني نعل قديمة في تكية الكلشني، يزعمون أن الماء إذا شرب منها ينفع للتداوي من العشق، وبوابة المتولي بالقاهرة أيضاً مملوءة بالمسامير، بها تعلق الشعور والخيوط لقضاء حاجة من علّقها. عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الصفحة 119