كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

عودته إلى نجد:
غير أنه قلت نفقته، فقفل راجعاً، فأتى الأحساء، فنزل بها عند الشيخ: عبد الله بن عبد اللطيف الشافعي، وقرأ عنده ما شاء الله أن يقرأ.
ثم توجه إلى حريملاء، قرية من نجد، وذلك لأن والده الشيخ: عبد الوهاب قد انتقل إليها.
ولما آب الشيخ من رحلته الطويلة وراء العلم والتحصيل، لازم أباه، واشتغل عليه في علم التفسير والحديث وغيرهما.
وعكف على كتب الشيخين: شيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم رحمهما الله، فزادته تلك الكتب القيّمة علماً ونوراً وبصيرة، ونفخت فيه روح العزيمة.
ورأى الشيخ بثاقب نظره ما بنجد وما بالأقطار التي رحل إليها من العقائد الضالة، والعادات الفاسدة، فصمم على القيام بالدعوة.
حالة نجد قبل الدعوة من حيث الديانة والسياسة
سبق أن ذكرنا لك أيها القارئ الكريم: أن الشيخ رحمه الله زار الحجاز والأحساء والبصرة ولا زبير، وقيل: حتى فارس، حسبما نقل عن "لمع الشهاب"؛ ليروي ظمأه من مناهل العلوم الدينية، ويتفهم أصول الدين وشرائعه القويمة، ويقف على أحوال أولئك الأقوام وعقائدهم وعلومهم، بعدما شاهد في نجد وطنه ما شاهد من المنكرات الأثيمة، والشركيات القبيحة الذميمة، القائلة لمعنى الإنسانية.
وكان أيام تحصيله يقرر لسامعيه ومخالطيه ما فهمه من الدين والتوحيد، ويبين قبائح ما تأتيه العامة وأشباه العامة من أدعياء العلم.
وعندما كان في المدينة المنورة يسمع الاستغاثات برسول الله صلى الله عليه وسلم ودعائه من دون الله؛ فكاد مرجل غيظه ينفجر.

الصفحة 18