كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

إلا القليل منهم ممن كان لا يتجاسر أن يبوح بمقت ما فعلوا، وأيقن أنهم قد أدخلوا في أصول الإسلام العليا ما يأباه القرآن، وما تأباه السنة المحكمة.
وكان يقوي عقيدته بخطئهم، وركونهم إلى البدع ما يقرؤه من الروايات القائلة: بأن المسلمين لا بد أن يغيروا، وأن يسلكوا مسالك الذين من قبلهم، كالحديث الصحيح: "لتتبعن سنن من كان قبلكم"، وكحديث: " لا تقوم الساعة حتى يعبد فئام من أمتي الأوثان"، وحديث: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ".
حينئذ صمّم الشيخ أن يعلن قومه بأنهم قد ضلوا الطريق السوي، وزاغوا عن منهج الصواب.
يقول بعض الكاتبين: "حقاً إن الموقف دقيق حرج، يحتاج إلى شجاعة ما ضية، وإلى إيمان لا يبالي بالأذى في سبيل إرضاء الله وإرضاء الحق الذي اقتنع به، وسبيل إنقاذ البشرية المعذّبة، كما يحتاج إلى عدة كافية من قوة اللسان، وإصابة البرهان، ليواجه ما يجابهه من شبهات واعتراضات لا بد منها. ثم إلى مؤازر قوي يحمي ظهره، ويدافع عن دعوته".
دعوته لقومه:
ابتدأ الشيخ رحمه الله، دعوته لقومه في بلدة "حريملاء"، وبَيّن لهم أن لا يُدعى إلا الله، ولا يُذبح ولا يُنذر إلا له، وأن عقيدتهم في تلك القبور والأحجار والأشجار من الاستغاثة بها، وصرف النذور إليها، واعتقاد النفع والضرر منها؛ ضلال وزور، وبأنهم في حالة لا ترضي، فلا بد من نبذ ذلك، وعزز كلامه بآي من كتاب الله المجيد، وأقوال الرسول وأفعاله، وسيرة أصحابه، فوقع بينه وبين الناس نزاع وجدال، حتى مع والده العالم الجليل، لأنه كان مغتراً بأقاويل المقلدين السالكين تلك الأفعال المنكرة في قوالب حب الصالحين.

الصفحة 21