كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

بلا إله إلا الله أن ينصره الله ويعلي كلمته، وتكون له السيادة والزعامة على نجد وغيرها، وله السعادة الأبدية إن شاء الله.
فقبل عثمان، ورحّب بما قال الشيخ، فأعلن الشيخ بالدعوة إلى الله، وإفراد العبادة لله، والتمسك بسنة رسول الله، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وقطع الشيخ الأشجار المعظّمة هناك، وهدم قبة زيد بن الخطاب، بمساعدة عثمان الأمير، وأقام الحد على امرأة اعترفت بالزنا مراراً، بعدما تأكد من صحة عقلها وكمال حواسها. فاشتهر أمر الشيخ، وذاع صيته في البلدان.
فبلغ خبره "سليمان بن محمد بن عريعر" حاكم الأحساء وبني خالد، فبعث هذا الجاهل الظالم إلى عثمان بن معمر كتاباً جاء فيه:
"إن المطوّع الذي عندك، قد فعل ما فعل، وقال ما قال، فإذا وصلك كتابي فاقتله، فإن لم تقتله، قطعنا خراجك الذي عندنا في "الأحساء"".
فعظم على عثمان الأمر، وكبر عليه مخالفة ابن عريعر، وغاب عن ذهنه عظمة رب العالمين، وكانت النتيجة من جرّاء ذلك الكتاب وضعف إيمان ابن معمر أن أمر بإخراج الشيخ من بلده.
ولم يفد فيه وعظ الشيخ ونصحه، وأنه لا بد للداعي والمصلح من أن يناله الأذى، ولابد أن تكون العاقبة للمتقين.
فخرج الشيخ رحمه الله، يمشي على رجليه موكلاً به فارس يمشي من خلفه، وليس مع الشيخ إلا المروحة في أشد وقت الحر من الصيف.
فهمّ الفارس بقتل الشيخ، وكان بإيعاز من ابن معمر، فارتعدت يده وكفى الله شره.
وكان الشيخ في مشيه لا يفتر عن ذكر الله، ويردد قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} .

الصفحة 23