كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

ونزل الشيخ بالدرعية وقت العصر سنة 1158هـ ضيفاً على عبد الرحمن ابن سويلم، وابن عمه أحمد بن سويلم.
وخاف ابن سويلم على نفسه من الأمير محمد بن سعود، لأنه كان يعلم حالة الناس، وأنهم لا يقبلون ما أتى به هذا العالم الجليل، ويقابلون ذلك بالأذى، ولا سيما من بيده الأمر.
ولكن الشيخ الممتلئ إيماناً وثقة بالله، سكن جاشه، وأفرغ عليه من العظات، وملأه رجاءاً، ووعده بأنه لا بد من أن يفرج الله وينصره نصراً مؤزراً. فعلم به الخواص من أهل الدرعية، فزاروه خفية، فشرح لهم معاني التوحيد وما يدعو إليه.
وكان للأمير أخوان: مشاري وثنيان، وزوجة كانت لبيبة عاقلة.
فبين الأخوان بعد ما نهلا من مناهل الشيخ لأخيهما الأمير، أن الشيخ محمداً نازل ضيفاً على ابن سويلم، وأن هذا الرجل غنيمة ساقه الله إليك، فاغتنم ما خصك الله به، ورغّبوه في زيارة الشيخ، فامتثل وزار الشيخ.
فدعاه الشيخ إلى التوحيد، وأن التوحيد هو ما بعثت من أجله الرسل، وتلا عليه آيات من الذكر الحكيم، فيها البيان ببطلان عبادة غير الله، ولفت نظره إلى ما عليه أهل نجد من الشرك، والجهل، والفرقة والاختلاف، وسفك الدماء، ونهب العباد.
وبالجملة: بَيَّن له ضعف دينهم ودنياهم، وجهلهم بشرائع الإسلام، ورجاه أن يكون إماماً يجتمع عليه المسلمون، ويكون له الملك والسيادة، ومن بعده في ذريته.
عند ذلك شرح الله صدر محمد بن سعود وأحبّه، واقتنع بما دعاه إليه الشيخ، وبشّر الأمير الشيخ بالنصرة، وبالوقوف معه على من خالفه.
وشرط الأمير على الشيخ شرطين:
الأول: أن لا يرجع الشيخ عنه إن نصرهم الله ومكّنهم.

الصفحة 24