كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

والثاني: أن لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار.
فقال الشيخ: "أما الأول: الدم بالدم، والهدم بالهدم. وأما الثاني: فلعل الله يفتح عليك الفتوحات، وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج".
فبايع الأمير الشيخ على الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، والتمسك بسنة رسول الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الشعائر الدينية.
وبعد استقراره في الدرعية أتى إليه من كان ينتسب إليه، ومعتنقاً مبادئ دعوته، من رؤساء المعامرة وغيرهم، وأخذت الوفود تأتي من كل حدب لما علموا أن الشيخ في دار منعة.
عند ذلك، سمع عثمان بن معمر الذي أخرج الشيخ من بلده أن محمد بن سعود رحمه الله قد بايع الشيخ، وأنه ناصره وأهل الدرعية له مؤيدون، ومعه قائمون ومجاهدون.
فندم عثمان على ما سلف منه في حق الشيخ، فأتى إليه ومعه ثلة من الرجال من رؤساء البلاد وأعيانها، واعتذر، وطلب منه الرجوع. فعلّق الشيخ الأمر على رضاء الأمير محمد بن سعود، فرفض الأمير السماح، ورجع عثمان خائباً.
وشدت إلى الشيخ الرحال، وكثر الوافدون، ليرتووا من مناهله العذبة الصافية النقية من الخرافات والوثنية.
وكانت الحالة الاقتصادية للأمير والبلاد لا تقوي على القيام بمؤن أولئك الوافدين الطالبين؛ فكان بعضهم من شغفه وحبه للعلم يحترف بالليل بالأجرة، وفي النهار يحضر الدروس، إلى أن وسّع الله عليهم وأتى بالفرج واليسر بعد الشدة والعسر.

الصفحة 25