كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

والأمير "محمد بن سعود" يؤازره حسب مقدرته.
ولكن خصوم الدعوة كانوا يعملون على تأليف القلوب لمحاربة الدعوة بكل الوسائل، والاعتداء على الداخلين في الدعوة، فلم ير الشيخ محمد والأمير بُدّاً من الاستعانة بالسيف بجانب الدعوة الدينية، واستمرت الحروب الدينية سنين عديدة، وكان النصر حليف ابن سعود في أغلب المواقف، وكانت القرى تسقط واحدة تلو الأخرى بيده، ودخل البعض في الطاعة بالاختيار والرغبة، لما عرف حقيقة الأمر.
وإن أردت معرفة عناد القوم وبغيهم وجورهم واعتدائهم، ونقض بعضهم للعهد مرة بعد مرة، فاقرأ "عنوان المجد"، وأن زعماء الدعوة ما كانت خطتهم إلا الدفاع، ورفع العقبات عن سبيل الدعوة الخالصة.
وبعد فتح الرياض1 واتساع ملكهم، وانقياد كل صعب لهم، فوض الشيخ أمور الناس وأموال الغنائم إلى عبد العزيز بن محمد بن سعود الأمير، وتفرّغ الشيخ للعلم وللعبادة وإلقاء الدروس.
وكان محمد وابنه عبد العزيز لا يتصرفان في شيء إلا بعد أن يعلماه، ليعلمهما الحكم الشرعي، ولا ينفذان حكماً إلا عن أمره ورأيه.
__________
1 تم فتح الرياض سنة 1187، على يد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، بعد أن خرج دهام بن دواس هارباً من الرياض، وكان هروبه بعد أن اعتدى المرات العديدة على أئمة الدعوة، ونقض العهد أكثر من مرة، وكانت العاقبة للمتقين وجند الله الموحدين.
وفي سنة 1179 توفي الإمام محمد بن سعود، وبويع على الإمامة ابنه عبد العزيز.
وفي سنة 1215 غزا سعود بن عبد العزيز بأمر والده العراق، وأوقع خسائر هائلة بأهل كربلا،، وهدم قبة قبر الحسين.
وفي سنة 1218 في شهر رجب قتل الإمام عبد العزيز رجل شيعي جاء من العراق متنكراً كدرويش، وأظهر التنسك والطاعة، وتعلم شيئاً من القرآن، فأكرمه عبد العزيز وأعطاه، وأخذ يتعلم أمور الدين، ولكنه كان رافضياً خبيثاً، فوثب على الإمام من الصف الثالث والناس في السجود فطعنه بخنجر معه انتقاماً منه، وقضى الإمام نحبه من جرّاء ذلك، وبويع سعود بن عبد العزيز على الإمامة.

الصفحة 27