كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

وما زال الشيخ على هذه الحالة الحسنة، والسيرة الطيبة الطاهرة؛ حتى انتقل إلى جوار ربه في ذي القعدة سنة 1206، رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان.
علم الشيخ وصفاته:
كان الشيخ رحمه الله تعالى علماً من الأعلام، ناصراً للسنة، وقامعاً للبدعة، خبيراً مطلعاً، إماماً في التفسير والحديث والفقه وأصوله، وعلوم الآلة كالنحو والصرف والبيان، عارفاً بأصول عقائد الإسلام وفروعها، كشافاً للمشكلات، حلالاً للمعضلات، فصيح اللسان، قوي الحجة، مقتدراً على إبراز الأدلة، وواضح البراهين بأبلغ عبارة وأبينها، تلوح على محياه علامات الصلاح، وحسن السيرة، وصفاء السريرة، يحب العباد، ويغدق عليهم من كرمه، ويصلهم ببره وإحسانه، ويخلص لله في النصح والإرشاد، كثير الاشتغال بالذكر والعبادة، قلما يفتر لسانه من ذكر الله.
وكان يعطي عطاء الواثق بربه، ويتحمّل الدين الكثير لضيوفه، ومن يسأله، وكان عليه أُبَّهة العظمة، تنظره الناس بعين الإجلال والتعظيم؛ مع كونه متصفاً بالتواضع واللين، مع الغني والفقير، والشريف والوضيع.
وكان يخص طلبة العلم بالمحبة الشديدة، وينفق عليهم من ماله، ويرشدهم على حسب إستعدادهم.
وكان يجلس كل يوم عدة مجالس ليلقي دروسه في مختلف العلوم، من توحيد، وتفسير، وحديث، وفقه، وأصول وسائر العلوم العربية.
وكان عالماً بدقائق التفسير والحديث، وله الخبرة التامة في علله ورجاله، غير ملول ولا كسول من التقرير والتحرير، والتأليف والتدريس.
وكان صبوراً عاقلاً، حليماً، لا يستفزه الغضب إلا أن تنتهك حرمة الدين، أو تهان شعائر المسلمين، فحينئذ يناضل بسيفه ولسانه، معظِّماً للعلماء، منوهاً بما لهم من الفضائل، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، غير صبور

الصفحة 28