كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

وأنا صاحب منصب، في قريتي مسموع الكلمة، فأنكر هذا بعض الرؤساء، لكونه خالف عادات نشأوا عليها، وألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك من فرائض الله، ونهيتهم عن الربا، وشرب المسكر، وأنواع المسكرات؛ فلم يمكن الرؤساء، القدح في هذا وعيبه، لكونه مستحسناً عند العوام، فجعلوا قدحهم وعداوتهم فيما أمرت به من التوحيد، ونهيت عن الشرك، ولبّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، ونسبوا إلينا أنواع المفتريات، فكبرت الفتنة، وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله.
فمنها: إشاعة البهت، كما ذكرتم أني أكفّر جميع الناس، إلا من اتبعني، وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة.
فيا عجباً، كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟، وهل يقول هذا مسلم؟!، إني أبرأُ إلى الله من هذا القول الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل.
والحاصل، أن ما ذكر عني غير دعوة الناس إلى التوحيد، والنهي عن الشرك فكله من البهتان" اهـ باختصار.
ومن رسالته إلى أهل المغرب:
بعد أن ساق آيات وأحاديث على وجوب اتباع السنة وترك البدع والمحدثات، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته تأخذ مأخذ القرون قبلها "شبراً بشبر وذراعاً بذراع"، ولا بد أن تفترق كالأمم السالفة، وأن الناجية من كان على مثل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال:
"إذا عرف هذا، فمعلوم ما عمّت به البلوي من حوادث الأمور التي أعظمها: الإشراك بالله، والتوجّه إلى الموتى، وسؤالهم النصر على الأعداء، وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، التي لا يقدر عليها إلا رب السماوات، وكذلك التقرب إليهم بالنذور، وذبح القربان، والاستغاثة بهم في كشف الشدائد، وجلب الفوائد، إلى غير ذلك من أنواع العبادة، التي لا تصلح إلا لله.

الصفحة 39