كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

وقال الله تعالى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الآية.
فثبت بالكتاب أن من اتبع سبيلهم فهو علىالحق، ومن خالفهم فهو على الباطل.
فمن سبيلهم في الاعتقاد: الإيمان بصفات الله وأسمائه التي وصف بها نفسه، وسمى بها نفسه في كتابه وتنزيله، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة عليها ولا نقصان منها، ولا تجاوز لها، ولا تفسير، ولا تأويل لها، بما يخالف ظاهرها، ولا تشبه بصفات المخلوقين، بل أقروها كما جاءت. وردوا علمها إلى قائلها، ومعناها، إلى المتكلم بها1، وأخذ ذلك الآخر عن الأول، ووصّى بعضهم بعضاً بحسن الاتباع، وحذرونا من اتباع طريق أهل البدع والاختلاف، الذين قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} ، وقال: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .
والدليل على أن مذهبهم ما ذكرنا: أنهم نقلوا إلينا القرآن العظيم، وأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقل مصدقٍّ لها، مؤمن بها، قابل لها، غير مرتاب فيها، ولا شاك في صدق قائلها، ولم يؤولوا ما يتعلق بالصفات منها.
__________
1 المراد بذلك: علم الكيفية والكُنه، ومعناهما عند أهل السنة والجماعة، وليس المراد علمهما ومعناهما من حيث اللغة العربية، فإن ذلك معلوم لدى أهل السنة، فإنهم يعلمون أن السمع غير البصر، وأن الاستواء غير النزول، وأن الغضب غير الرضا، وهكذا بقية الصفات، ويؤمنون بأن الله سبحانه موصوف بهذه الصفات حقاً لا مجازاً، على الوجه الذي يليق بجلاله، من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته، كما قال مالك وشيخه ربيعة رحمة الله عليهما: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول" إلخ، وقال مالك أيضاً: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" أي: عن الكيف، وقد تلقى عنه ذلك وعن شيخه ربيعة أئمة السنة، ووافقوه عليه. وهو الحق الذي لا ريب فيه، وهو الذي درج عليه أهل السنة جميعاً؛ عملاً بقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، وما جاء في معناها من الآيات. والله أعلم. عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الصفحة 41