كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

ولم يشبّهوه بصفات المخلوقين، إذ لو فعلوا شيئاً من ذلك لنقل عنهم، بل زجروا من سأل عن المتشابه، وبالغوا في كفه تارة بالقول العنيف، وتارة بالضرب.
ولما سئل مالك رحمه الله عن الاستواء: أجاب بمقالته المشهورة، وأمر بإخراج الرجل.
وهذا الجواب من مالك في الاستواء شاف كاف، في جميع الصفات، مثل: النزول والمجئ، واليد، والوجه، وغيرها.
فيقال في النزول: النزول معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. وهكذا يقال في سائر الصفات، إذ هي بمثابة الاستواء، الوارد به الكتاب والسنة.
وثبت عن الربيع بن سليمان قالك سألت الشافعي رضي الله عنه عن صفات الله، فقال: "حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الظنون أن تقطع، وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تتعمق، وعلى الخواطر أن تحيط، وعلى العقول أن تعقل، إلا ما وصف به نفسه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم".
وثبت عن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني أنه قال: "إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة يصفون ربهم بصفاته التي نطق بها كتابه وتنزيله، وشهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم على ما وردت به الأخبار الصحاح، ونقلته العدول الثقات، ولا يعتقدون بها تشبيهاً بصفات خلقه، ولا يكيفونها تكييف المشبهة، ولا يحرفون الكَلِم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجهمية.
وقد أعاذ الله أهل السنة من التحريف والتكييف، ومَنَّ عليهم بالتفهيم والتعريف، حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واكتفوا في نفي النقائص بقوله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ

الصفحة 42