كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

صرف إلا الله1؛ أنكر عليهم، وبَيّن لهم أن العبادة هي طاعة الله، بامتثال ما أمر، وأنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال.
وأفراد العبادة كثيرة، منها: الصلاة، والصيام، والصدقة، والنذر، والذبح، والطواف، والاستعانة، والاستغاثة.
فمن صرف منها شيئاً لغير الله يكون مشركاً، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ، فاتبعه بعضهم واعتنق مبدأه رغبة واختياراً، وأبى الأكثرون متمسكين بتقليد الآباء والخضوع للعادات، وبفشو هذه الأعمال في سائر الأمصار والقرى، وسكوت الأكثرين من العلماء.
2- التوسل:
التوسل قسمان: قسم مطلوب ومرغوب فيه، وهو التوسل بالإيمان، وبأسماء الله الحسنى وبالأعمال الصالحة، كما توسل الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم، ففرج الله عنهم2.
والثاني: التوسل المبتدع، وهو: التوسل بالذوات الصالحة، مثل: أن يقول الشخص: "اللهم إني أسألك بجاه الرسول، أو بحرمة فلان الصالح، أو بحق الأنبياء والمرسلين، أو بحق الأولياء والصالحين".
فنهاهم الشيخ عن القسم الثاني، إذ لم يرد عن الرسول ولا أصحابه رضي الله عنهم، وهو دعاء، والدعاء عبادة، ومبناها على التوقيف، ويعبد الله بما شرع، لا بالأهواء والبدع.
__________
1 وأضف إلى ذلك ما اتصفوا به من التهاون بالصلاة، ومنع الزكاة، والتحاكم إلى الطواغيت، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. راجع ما سبق "حالة نجد قبل الدعوة".
2 حديث الثلاثة: أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود، وملخص معناه: أن أحد الثلاثة توسل بعفته عن الزنا، والثاني ببره لوالديه، والثالث بتنميته أجرة أجير قليل، وتوفيره حتى صار مالاً جزيلاً طائلاً، وكل عمل من الأعمال الثلاثة لا ريب أنه من أجلّ الأعمال الصالحة.

الصفحة 44