كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

فأوحوا إلى العوام أن الشيخ عقيدته غير صحيحة، ومخالف لما عليه المسلمون، ويتنقّص مقام الصالحين، فلا ينبغي أن يُتّبع، بل ينبغي أن يُزجر ويُقمع، وجادلوا الشيخ بالباطل، وبالآراء السخيفة والشبه الواهية، ونصر الله الشيخ، فأقام عليهم الحجج القويمة، المدعمة بآي القرآن وصحاح الأحاديث، كما تراها في مؤلفاته، ومؤلفات أبنائه وأحفاده، وأئمة الدعوة، وفَنَّد شبههم، وأزهق باطلهم، واشتد نكيره عليهم.
وعند ما عجز فضلاؤهم في ميادين الحجج والبراهين، وآبوا بالفضل؛ لجأوا إلى وضع العقبات في سبيل الدعوة، وإلى الاعتداء؛ الأمر الذي ألجأ الشيخ وحزبه برئاسة الأمير محمد بن سعود أن يقاوموهم بالسنان، فجرت الحروب الشديدة بين حزب الشيخ وبين أولئك.
فكما فشلوا في ميادين الحجج العلمية، وخرجوا صفر اليدين، فشلوا أيضاً في ميادين المقارعة والحروب، وكان النصر في الأغلب حليف الشيخ وحزبه.
فلما لم يبق لديهم من سلاح يحاربون الدعوة؛ شرع بعض المدّعين للعلم والأمراء يزيدون في اختلافهم الأكاذيب والافتراءات، وينسبونها إلى الشيخ، وأخذوا في استعمال الدعايات الكاذبة، والإشاعات الباطلة، وطفق بعضهم يكتب إلى الأتراك، وإلى الأشراف في الحجاز: أن هذا الشيخ مبتدع، ومذهبه خامس المذاهب، ولا يحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا الأولياء، ومنع من زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكفّر جميع الناس، إلا من كان من أتباعه، ولا يعتبر المذاهب الأربعة، بل أمر بإتلاف كتب المذاهب، وينهي عن الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أحرق دلائل الخيرات، وأن أولئك السعوديين يفسدون قلوب الناس، ويغيرون عقائدهم، ويريدون تحويلهم عن الطريق الموروثة، والسبيل التي وجدوا عليها الآباء والأجداد، ويحقرون شعائر الدين بهدم قباب المشايخ والأولياء الكبار، التي أطبقت الأجيال على تعظيمها والتبريك بها، وأن قعود الدولة عن رد هؤلاء المعتدين يذهب بهيبتها من

الصفحة 48