كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

ثم ذكر الشيخ كلاماً طويلاً، إلى أن قال:
"ونحن أيضاً في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ولا ننكر على من قلّد الأئمة الأربعة دون غيرهم، لعدم ضبط مذاهب الغير، كالرافضة والزيدية والإمامية ونحوهم، لا نقرّهم ظاهراً على شيء من مذاهبهم الفاسدة، بل نجبرهم على تقليد أحد الأئمة الأربعة، ولا نستحق مرتبة الاجتهاد، ولا أحد منا يدعيه إلا أنا؛ في بعض المسائل إذا صح لنا نص جلي من كتاب أو سنة غير منسوخ، ولا مخصص، ولا معارض بأقوى منه، وقال به أحد الأئمة الأربعة؛ أخذنا به، وتركنا المذهب1 كإمام الصلاة.
فنأمر الحنفي والمالكي2 مثلاً بالمحافظة على نحو الطمأنينة في الاعتدال، والجلوس بين السجدتين؛ لوضوح ذلك، بخلاف جهر الإمام الشافعي بالبسملة فلا نأمره بالإسرار، وشتان ما بين المسألتين.
فإذا قوي الدليل؛ أرشدناهم بالنص وإن خالف المذهب، وذلك يكون نادراً جداً.
ولا مانع من الاجتهاد، في بعض المسائل دون بعض. ولا مناقضة لعدم دعوى الاجتهاد المطلق.
وقد سبق جمع من أئمة المذاهب الأربعة إلى اختيارات لهم في بعض المسائل؛ مخالفة للمذهب الملتزمين تقليد صاحبه.
ثم إنا نستعين على فهم كتاب الله بالتفاسير المتداولة، ومن أجلها لدينا
__________
1 مثّل هنا بتقديم الجد على الأخوة، وبإمام الصلاة لغير هذه المسألة. المصحح.
2 أما الأحناف فإنهم لا يرون الطمأنينة في الصلاة ركناً.
وأما المالكية: فإنهم كالشافعية والحنابلة؛ يرون الطمأنيننة في الركوع، والاعتدال، والسجود، والجلوس بين السجدتين؛ ركناً، ولا تختلف المالكية عن المذهبين في فرائض الصلاة إلا شيئاً يسير.
وأما الأحناف: فإنهم لا يعتبرون فرائض الصلاة المحررة عند المذاهب إلا ستة منها، وهي: النية، وتكبيرة الإحرام، والقراءة، ولو غير الفاتحة، والركوع، والسجود، والتشهد الأخير.

الصفحة 56