كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

النوع الثاني: من عرف ذلك كله، ولكنه تبين في سب دين الرسول مع إدعائه أنه عامل به، وتبين في مدح من عبد غير الله وغالى في أوليائه، ففضلهم على من وحّد الله وترك الشرك؛ فهذا أعظم من الأول، وفيه قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} ، وهو ممن قال الله فيه: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ} .
النوع الثالث: من عرف التوحيد واتّبعه، وعرف الشرك وتركه، ولكن يكره من دخل في التوحيد، ويحب من بقي على الشرك، فهذا أيضاً كافر. وفيه قول الله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} .
النوع الرابع: من سلم من هذا كله، ولكن أهل بلده مصرحون بعداوة التوحيد واتباع أهل الشرك، وساعون في قتالهم، ويتعذر عليه ترك وطنه، ويشق عليه، فيقاتلهم أهل التوحيد، ويجاهدهم بماله ونفسه. فهذا أيضاً كافر، فإنهم لو يأمرونه بترك صوم رمضان، ولا يمكنه ترك الصيام إلا بفراقهم؛ فعل. ولو يأمرونه بتزوج امرأة أبيه، ولا يمكنه ترك ذلك، إلا بمخالفتهم؛ فعل. وموافقته على الجهاد معهم بنفسه زماله مع أنهم يريدون بذلك قطع دين الله ورسوله؛ أكبر من ذلك بكثير، فهذا أيضاً كافر، وهو ممن قال الله فيه: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} . هؤلاء الذين نكفّرهم، لا غير.
وأما القول: بأنا نكفّر الناس عموماً، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وأنا نكفّر من لم يكفر ولم يقاتل. ومثل هذا وأضعاف أضعافه؛ فكل هذا من الكذب والبهتان، الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله.
وإذا كنا لا نكفّر من عبد القبور من العوام لأجل جهلهم، وعدم من

الصفحة 62