كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

وما وقع من خيانة وغلول، لا تجوز نسبته إلى أهل العلم والدين، أو أنهم راضون، أو غير منكرين له.
ولا يجوز أن يسمي ما وقع، استباحة للحرمين، كما ذكرت أيها السائل.
وقد وقع من تعظيم الحرمين وكسوة الكعبة الشريفة، وتأمين السبل، والحج إلى بيت الله، وزيارة الحرم الشريف النبوي، مالا يخفى على منصف عرف الحال، ولم يقصد البهت والضلال.
وأما الاستدلال على صلاح أهلها بشرف تلك البقعة، فهو استدلال من عزبت عنه أدلة الشرع وقواعده، وغابت عنه عهود الكتاب العزيز ومواعده، وصار من جملة الغوغاء والعامة.
ولا حاجة لنا إلى تعداد من كفر بآيات الله، وصادم رسله، ورد حججه من أهل الحرمين، ولا إلى تعداد من في بلاد الحبشة والهند، وبلاد الفراعنة كمصر، وبلاد الصابئة كـ"حران"، وبلاد الفرس المجوسية من أهل العلم والفقه والأمامة والدين.
وفضل الحرمين لا يشك فيه من له أدنى إلمام بما جاءت به الرسل الكرام، ولكن ليس فيه حجة على تحسين حال أهلها مطلقاً، وقد قال سلمان الفارسي لأبي الدرداء لما دعاه إلى الأرض المقدسة، ورغبّه فيها: "إن الأرض لا تقدّس أحداً"، قال الله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} وهي: مصر والشام.
فإن كان في شرف البقاع حجة ودليل على صلاح أهلها، فليكن هنا، وبنو إسرائيل في الأرض المقدسة، وسكان (إيليا) والمسجد الأقصى، وقد جرى منهم من الكفر والتكذيب، وقتل الأنبياء ما لا يخفى على من آنس شيئاً من أنوار النبوة والرسالة.
ثم استدلال أهل اليمن على حسن حالهم مطلقاً، بحديث: "الإيمان يمان، والحكمة يمانية"، وحديث: "أتاكم أهل اليمن، أرق قلوباً، وألين أفئدة" أظهر

الصفحة 64