كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

وما ورد في تفضيل القبائل والشعوب أدل وأصرح في الفضيلة مما ورد في البقاع والأماكن للدلالة على فضل الساكن والقاطن.
ومعلوم أن رؤساء عباد القبور والداعين إلى دعائها وعبادتها لهم حظوا فيما يأتي به الدجال.
وقد تصدّى رجال من تميم وأهل نجد للرد على دجاجلة عباد القبور الدعاة إلى تعظيمها مع الله تعالى، وهذا من أعلام نبوته إن قلنا (أل) في الدجال للجنس لا لعهد، وإن قلنا: إنها للعهد كما هو الظاهر، فالرد على جنس الدجال توطئة وتمهيد لجهاده، ورد باطله. فتأمّله فإنه نفيس جداً.
وليت غيرك أيها السائل تكلم بهذا الكلام فإن بلادك أعني العراق معدن كل محنة وبلية، ولم يزل أهل الإسلام منها في رزية بعد رزية:
فأهل "حروراء" وما جرى منهم على أهل الإسلام، لا يخفى.
وفتنة "الجهمية" الذين أخرجهم كثير من السلف من الإسلام إنما خرجت ونبغت بالعراق.
و"المعتزلة" وما قالوه في الحسن البصري، وتواتر النقل به، واشتهر من أصولهم الخمسة، التي خالفوا بها أهل السنة.
ومبتدعة الصوفية الذين يرون الفناء في توحيد الربوبية، غاية يسقط بها الأمر والنهي، إنما نبغوا وظهروا بالبصرة1.
ثم "الرافضة" و"الشيعة" وما حصل منهم من الغلو في أهل البيت، والقول الشنيع في علي والأئمة، ومسبّة أكابر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، كل هذا معروف مستفيض عن أهل بلادك، أفلا يستحي أهل هذه العظائم من عيب أهل الإسلام ولمزهم بوجود مسيلمة في بلادهم.
__________
1 وكذلك وقعة الجمل، كما وقع بالعراق حرب صفين، وقتل علي، وقتل مسلم بن عقيل، والحسين بن علي وأبنائه، ودعوى المختار ابن أبي عبيد النبوة، إلى غير ذلك مما لا يحصر.
كذلك في عصرنا قد حصلت فتن بالعراق، ومنها أخيراً: فتنة عبد الكريم قاسم، وما جرى من القتل والسفك.

الصفحة 67