كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

ولما أدرك النبي وأبا بكر، ساخت قوائم فرسه في الأرض، فإذا هو في وثاق، لا يستطيع منه فكاكاً، حتى يستنجد بالرسول فينطلق.
كذلك قد جرى للشيخ محمد بن عبد الوهاب، فقد وكل به أمير العيينة عثمان بن معمر عندما أمر بمغادرة الشيخ البلاد فارساً والشيخ كان راجلاً، كافي القدم، حاسر الرأس، إلا من مروحة يتقي بها لظى القفر. حتى إذا رام أن يقتله، واستل سيفه، إذا بيده القوية تتهالك، فيسقط منها.
6- وكان ابن عبد الوهاب يعرض نفسه على القبائل والبطون، فمن ناصرة ومجيرة، إلى خاذلة وصادفة عنه، إلى قبائل لا تتورع عن إيذائه والكيد له، كما كان يكيد له الكراء والزعماء، فلا تلين له قناة.
كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل، ويستقبلها في المواسم والأسواق، فينصره بعضها، ويخذله بعضها، ويهزأ به بعضها، ويناله بعضها بما يكره، ولكنه صابر يقول في ابتسامته الحلوة الرائعة: "اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون".
7- ومثل ما اعترض حياة الرسول الكريم الخطر والهلاك، اعترضت حياة تابعه المخلص، الويلات والكوارث.
فكان يستدبر كارثة ليستقبل أخرى بنفس مطمئنة، وقلب مفعم بالإيمان.
8- وكما كان الرسول يغزو بنفسه، ويزج بها في المعارك والميدان، وإذا احتدم القتال يقوي قلوب صحابته الكرام، ويعززهم ويذكرهم، ويدعو الله لهم.
كان التابع المتبوع الإمام محمد بن عبد الوهاب، يغزو بنفسه مع محمد بن سعود، ولا يبخل بالرأي السديد، وكان من أبرز رجال القيادة العليا، حتى إذا اختلف في الرأي بينه وبين غيره؛ قدم رأيه، لأنه يسير بهدي الله ونوره.

الصفحة 73