كتاب محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

ولم تلبث هذه الدولة طويلاً، حتى قضى عليها الاستعمار الإنكليزي في العقد الرابع من القرن التاسع عشر. ولكن الدعوة الوهابية ظلت قائمة هناك على يد خلفاء السيد أحمد من بعده، ولم يستطع المستعمرون أن ينالوا منها.
ولا يزال الكثيرون من سكان هذه المناطق يدينون بالإسلام على المذهب الوهابي.
وفي سومطرة ابتدأت الدعوة الوهابية سنة 1803م على يد أحد الحجاج من أهل الجزيرة، وكان قد عاد من الحج في نفس السنة، بعد أن التقى بالوهابيين، واطلع على صحة ما يدعون إليه.
فلما عاد إلى وطنه ابتدأ دعوته، ثم تطورت الحركة إلى حروب طاحنة بين المسلمين والوهابيين، الذين أصبحوا قوة كبيرة في سومطرة، وبين غير المسلمين من سكانها الأصليين، حتى رأت حكومة الاستعمار الهولندية سنة 1821م أن تناهض هذه الحركة القوية، محافظة على كيانها ونفوذها هناك.
واستمرت المناوشات والحروب بين المستعمرين الهولنديين، وبين السومطرين الوهابيين، مالا يقل عن ستة شعر عاماً. ثم انتهت بتغلب قوى الاستعمار على القائمين بحركة الوهابية.
كذلك الحركة السنوسية، التي ابتدأت في الجزائر أواسط القرن التاسع عشر، ثم غزت طرابلس بعد ذلك، وانتشرت في شمال أفريقيا، ثم مدت رواقها نحو الجنوب، فتمكنت في السودان هذه الحركة السنوسية، التي ناهضت الاستعمار في كل مكان، والتي كانت ولا زالت مدرسة تربية وتهذيب للشعب السنوسي، قد تأثرت بالدعوة الوهابية في أساسها.
فالسيد محمد علي السنوسي، مؤسس الحركة السنوسية، كان في مكة يطلب العلم وقت استيلاء الوهابيين عليها، فعاشرهم، وتتلمذ على علمائهم، وتأثر بمذهبهم.

الصفحة 79