كتاب الأمنية في إدراك النية

غير أَن أَسمَاء الله تَعَالَى توقيفية فَلَا يُسمى الله تَعَالَى نَاوِيا وَيُسمى مرِيدا
هَذَا إِن اقْتصر على الِاعْتِبَار الْعَام وَهُوَ مُطلق إمالة الْفِعْل الى بعض جهاته وَالصَّحِيح انه لَا يقْتَصر عَلَيْهِ وَأَن يُؤْخَذ معنى أخص فنه وَهُوَ إمالة الْفِعْل الى جِهَة حكم شَرْعِي يَشْمَل الْإِبَاحَة فينوي إِيقَاع الْفِعْل على الْوَجْه الَّذِي أَمر الله بِهِ وَنهى عَنهُ أَو أَبَاحَهُ
وَمِنْهُم من يَقُول بل أخص من هَذَا وَهُوَ أَن يمِيل الْفِعْل الى جِهَة التَّقَرُّب وَالْعِبَادَة
وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فيستحيل على الله مَعْنَاهَا بِخِلَاف الْمَعْنى الْعَام
وتفارق النِّيَّة الْإِرَادَة من وَجه آخر وَهُوَ أَن النِّيَّة لَا تتَعَلَّق إِلَّا بِفعل الناوي والإرادة تتَعَلَّق بِفعل الْغَيْر كَمَا نُرِيد مغْفرَة الله تَعَالَى وإحسانه وَلَيْسَت من فعلنَا
وَأما الشَّهْوَة فَهِيَ إِرَادَة مُتَعَلقَة براحات الْبشر كالملاذ وَرفع الآلام وَنَحْوهَا فتستحيل على الله تَعَالَى
وَأما الْقَصْد فَهُوَ الْإِرَادَة الكائنة بَين جِهَتَيْنِ كمن قصد الْحَج من مصر وَغَيرهَا وَمِنْه السّفر القاصد أَي فِي طَريقَة مُسْتَقِيمَة وَبِهَذَا الْمَعْنى يَسْتَحِيل على الله تَعَالَى
وَأما الِاخْتِيَار فَهُوَ الْإِرَادَة الكائنة بَين شَيْئَيْنِ فَصَاعِدا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا} أَي أَرَادَهُم دون غَيرهم مُضَافا الى اعْتِقَاد رُجْحَان الْمُخْتَار وَهُوَ جَائِز على الله تَعَالَى قَالَ الله تَعَالَى {وَلَقَد اخترناهم على علم على الْعَالمين}
وَأما الْقَضَاء فَهُوَ الْإِرَادَة المقرونه بالحكم الجبري فقضاء الله تَعَالَى لزيد بالسعادة أَرَادَ بِهِ سعادته مَعَ إخْبَاره بِكَلَامِهِ النفساني

الصفحة 10