كتاب الأمنية في إدراك النية

وَفعل يظْهر أَنه مرادف لأوجد وَقيل مَعْنَاهُ إِذا أُرِيد تَعْظِيم الْأَمر قيل عمل وَأَن اريد الِاقْتِصَار على تَأْثِير الْأَثر قيل فعل
وَأما عمل فَقيل مَعْنَاهُ فعل فعلا لَهُ شرف وَظُهُور وَكَذَلِكَ فعل إِذا أسْند ظُهُوره للحس وَلذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بعاد} وَلم يقل كَيفَ عمل رَبك لِأَنَّهُ أثر فِيهِ عِقَاب وانتقام لَا شرف وتعظيم
وَقَالَ الله تَعَالَى {مِمَّا عملت أَيْدِينَا أنعاما} وَأكْثر مَا ورد فِي الْقُرْآن الْكَرِيم من ذكر أَفعَال الْخَيْر بِلَفْظ عمل لَا بِلَفْظ الْفِعْل فَقَالَ تَعَالَى {بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} {فَنعم أجر العاملين} {من عمل صَالحا فلنفسه} وَهُوَ كثير جدا
وَأما صنع فيطلق على مَا فِيهِ قُوَّة فِي الإيجاد وَلذَلِك يُقَال أَرْبَاب الصَّنَائِع للحرف لاحتياجها الى مزِيد قُوَّة والكائن عَن الصنع أبدا يكون عَظِيما فِي نَفسه وَلذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {صنع الله الَّذِي أتقن كل شَيْء} إِشَارَة الى عَظمَة تسيير الْجبَال وزوالها عَن مواطنها وَلذَلِك قَالَ الله تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} فَدلَّ ذَلِك على أَن أزالة الْجبَال عَظِيم فِي نفس الْأَمر وَإِن كَانَت الْقُدْرَة الْقَدِيمَة نِسْبَة الممكنات إِلَيْهَا بِنِسْبَة وَاحِدَة
وَأما برأَ فَهُوَ يخْتَص بإيجاد الْأَجْسَام وَقد يُضَاف إِلَيْهِ أَنَّهَا من التُّرَاب وَمِنْه بريت الْقَلَم أَي هيأته على صور مخصوصه

الصفحة 14